أعلنت وزارة التربية التركية عن عزمها توظيف 4200 مدرس تركي في مراكز
التعليم المؤقتة السورية، وفي بعض
المدارس الحكومية، لتعليم اللغة التركية للطلاب السوريين، ضمن المرحلة الأولى من مشروعها الرامي لدمج
الطلاب السوريين في النظام التعليمي التركي تدريجياً.
وقال مدير "مؤسسة التعليم مدى الحياة" التابعة لوزارة التربية التركية، علي رضا ألتونال، لوكالة الأناضول الرسمية الجمعة، إن هذا الإجراء الذي سيتم تمويله من الاتحاد الأوروبي بقيمة 300 مليون يورو، يأتي في إطار الاتفاقية التركية الأوروبية بشأن "إعادة قبول المهاجرين".
وخلصت مصادر سورية إلى أن القرار التركي الأخير يؤكد أنه "لاعودة عن إلغاء المدارس السورية"، مشيرة إلى تردد في أوساط اللاجئين السوريين من احتمال غياب التعليم باللغة العربية.
وتعليقا على القرار الأخير، عبّر رئيس "جمعية النهضة العلمية" عامر النمر عن اعتقاده بأن استمرار العمل بمراكز التعليم المؤقتة السورية في
تركيا "أمر مستحيل"، لعدم ارتقاء هذه المراكز بعملها إلى المستوى المطلوب، على حد تعبيره.
وعليه، يبدي النمر ترحيبه بالقرار التركي الأخير الذي سيساعد على تعليم اللغة التركية للطلاب السوريين، والذي سيمهد لمساواتهم بأترابهم الأتراك، واصفاً إياه بـ"الخطوة الصحيحة المتأخرة".
وقال لـ"عربي21": "كان الأجدى أن يتم التعاطي مع الملف التعليمي السوري بهذا الشكل منذ وصول أول لاجئ سوري إلى تركيا، وليس الآن".
ومع بداية العام الدراسي الحالي (2016-2017)، الذي شهد أولى مراحل دمج الطلاب السوريين بالمدارس التركية، عبّر بعض الأهالي عن القلق على مستقبل أبنائهم، لا سيما وأنهم سيكملون تعليمهم باللغة التركية، لكن النمر يرى أن مخاوف الأهالي "غير مبررة"، طالما أن الدمج يقتصر على اللغة فقط، معتبرا أن هذا "سينعكس بشكل إيجابي على مستوى ونوعية تعليم الطلاب السوريين"، على حد تقديره.
وأوضح أنه سيتم تلقين الطلاب السوريين دروساً باللغة العربية الفصحى، "وهي اللغة التي لم نكن نتقنها في المدارس السورية، بحكم أن اللهجة العامية كانت الأكثر استخداماً فيها".
لكن لم يتفق مدير إحدى المدارس السورية، طلب عدم الكشف عن اسمه، مع رأي النمر، متحدثا عما وصفه بـ"الخطر الثقافي" الذي سيواجه الطلاب السوريين، نتيجة عدم تعاطيهم باللغة العربية، ويتساءل: "لماذا لا يتم التعامل مع الملف التعليمي السوري من قبل تركيا، كما يتم التعامل مع نظيره العراقي؟"، فقد سمح للاجئين العراقين بافتتاح مدارس خاصة بهم، إلا إن كانوا يهدفون لتتريك السوريين، وفق قوله لـ"عربي21".
من جانبه، يقارب الحقوقي السوري عروة سوسي بين أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا وبين أقرانهم في البلدان الأوربية، متسائلاً: "لماذا هناك لانرى أي تحامل من السوريين على فرض اللغة الأصلية للبلدان هناك، كالذي نراه هنا؟"
وفي حديث لـ"عربي21"، شدد سوسي، وهو ناشط حقوقي مهتم بمتابعة أوضاع السوريين في تركيا، على ضرورة أن يشمل تعليم اللغة التركية لكل اللاجئين السوريين في تركيا، وقال: "الكثير من اللاجئين لم تسعفهم ظروفهم الاقتصادية وساعات العمل الطويلة؛ في تعلم اللغة التركية".
وهذا أيضا رأي الكاتب الصحفي عبو الحسو، المهتم بمتابعة شؤون اللاجئين السوريين في تركيا، الذي يرى أن القرار الأخير سيخفف من معاناة الطلاب السوريين الذين أرغموا على الذهاب إلى المدارس التركية، مضيفا: "طالما أن قرار الدمج بات واقعاً، فإنه وكما يتضح سيترتب على هذا القرار التخفيف من بعض الآثار السلبية التي يتعرض لها طلاب الصفين الخامس والتاسع، نتيجة عدم معرفتهم باللغة التركية".
وبيّن الحسو لـ"عربي21" أن الدمج المفاجئ أحدث ردات فعل نفسية لدى الطلاب السوريين، لأنهم لم يعاملوا معاملة خاصة، لكن الآن سيتم تكثيف عدد الساعات المخصصة لتعليمهم اللغة التركية، خارج أوقات الدوام الرسمي.
لكن النمر يأسف لغياب التمثيل القانوني للسوريين في تركيا، وقال إن هذا أدى لحرمانهم من تأسيس مدارس خاصة بهم أسوة باللاجئين العراقيين المتواجدين على الأراضي التركية، منوهاً في هذا الصدد إلى اقتصار تمثيل الائتلاف الوطني السوري؛ على الجانب السياسي فقط.
وأضاف: "حتى يتم السماح بافتتاح مدارس خاصة للسوريين يتوجب التنسيق مع القنصلية السورية التابعة للنظام، وبالتأكيد لن تمنح الأخيرة الغطاء القانوني لهذا النوع من المدارس؛ لأن النظام يحتكر التمثيل القانوني للسوريين، وهو ما حرمهم من الكثير من حقوقهم في استصدار الوثائق القانونية والشخصية"، مطالبا "الأمم المتحدة بضروة كسر احتكار النظام للتمثيل القانوني للسوريين في بلدان اللجوء".
يشار إلى أن أعداد الطلاب السوريين في تركيا يقدر بحوالي 995 ألف طالب وطالبة، 330 ألف فقط منهم يرتادون المدارس المؤقتة أو الحكومية.