نشرت صحيفة "لي أوكي ديلا غويرا" الإيطالية تقريرا؛ تطرقت فيه إلى الحرب الافتراضية التي يستعد
تنظيم الدولة، والتنظيمات
الإرهابية الأخرى، لشنها، كخطة بديلة في حال خسارتها لمعاركها على أرض الواقع، وتحديدا في
العراق وسوريا.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن هزيمة تنظيم الدولة في الحرب "التقليدية" التي يخوضها في
سوريا والعراق؛ لن تعلن نهايته الفعلية، وبذلك لا يمكننا التغاضي عن التهديد الذي سيظل يشكله بعد اندثاره. وعموما، ستتواصل الحرب الأيديولوجية التي تشنها التنظيمات الإرهابية في "العالم الافتراضي"، وستتمكن من الانتشار في جميع أنحاء العالم والتسبب في حصد أرواح المزيد من الضحايا.
وبينت الصحيفة أن شبكة الإنترنت تعتبر، بالنسبة للعديد من المحللين ومسؤولي المخابرات في الدول المعنية في مكافحة الإرهاب، بؤرة الإرهاب والمحرك الأساسي لمقاتلي تنظيم الدولة الذي تطمح التنظيمات الإرهابية لتطوير آليته "الأقل كلفة". كما تعد وسيلة التواصل هذه السبب الرئيسي في استمرار الإرهاب وإيقاظ الخلايا "النائمة" المنتشرة في كامل أنحاء العالم، فهي بالنسبة لحاملي الفكر المتطرف والمقاتلين الأجانب بمثابة عالمهم الجديد.
في هذا الصدد، أفاد جيل دي كيرشوف، منسق شؤون مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، أن "الوكالات الأوروبية التابعة لليوروبول (الشرطة الأوروبية) قد كشفت عما لا يقل عن 30 ألف موقع إلكتروني يعمل لأهداف إرهابية ويروج للفكر الإيديولوجي التكفيري. مع الأسف، لم يتمكن اليوروبول من تعقب بياناتهم؛ نظرا لأن مشغلي هذه المواقع لم يتركوا مجالا لمراقبة خصوصيتهم وبياناتهم".
وأضافت الصحيفة أن الإنترنت يعتبر "الملجأ" الأمثل لمثل هذه التنظيمات الإرهابية، على غرار تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، حيث أنها تكسبها القدرة المطلقة على دمج أفكارها ومخططاتها، والاتحاد من أجل هدف واحد، موضحة أنه "في هذا العالم، تتقلص كل الاختلافات على أرض الواقع، لتفسح المجال للأهداف التي ستخدم الطموحات المشتركة".
على الرغم من أن هذين التنظيمين قد أظهرا اختلافا شاسعا في وجهات النظر على أرض المعركة، فقد نجحا، من خلال هذا المجال الافتراضي، في توسيع استراتيجيتهما الهادفة إلى نشر الفكر التكفيري وتوحيد أهدافهما، بغض النظر عن الفوارق العميقة التي تفصلهما.
وأشارت الصحيفة إلى بعض الفوارق التي يختلف بشأنها هذان التنظيمان، على غرار الأهداف التوسعية. فعلى سبيل المثال، يسعى تنظيم الدولة إلى السيطرة على وسط وجنوب شرق آسيا والاستحواذ عليه لضمه لأراضي "الخلافة"، بينما يطمح تنظيم القاعدة إلى السيطرة على القارة الإفريقية، وخاصة على شمال إفريقيا والصحراء الغربية. في المقابل، يتشارك هذان التنظيمان في كل ما يتعلق بالأهداف الأساسية ومصادر التمويل، وبينها العمليات التجارية غير القانونية التي تملأ خزائنهما.
وأفادت الصحيفة أن المحللين لا يفهمون أسباب الاختلاف بين هذين التنظيمين، على الرغم من أن هدفهم وأسلوبهم واحد. بالنسبة لليوروبول، يعتبر تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، على حد سواء، بمثابة تهديد حقيقي، على الأقل في أوروبا، وستساهم الشبكة العنكبوتية في توسيع حظوظهما لبناء جبهة مشتركة، خاصة مع ارتفاع نسبة التطرف في بعض الدول الغربية وعودة المقاتلين الأجانب من منطقة الشرق الأوسط.
وبينت الصحيفة أن ما سيجمع تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة قد لا يكون تحالفا، ولكن استعمالهما لنفس الأسلوب ونفس الأرضية الخصبة، أي الإنترنت، سيجعل من عملهما إنجازا ستتجلى ملامحه في السنوات القادمة. وستساهم القدرة التكنولوجية، جنبا إلى جنب مع الدعاية التي يقوم بها الناشطون في هذه التنظيمات، في ارتفاع عدد المقاتلين الذين سيكونون مستعدين لتنفيذ كل أنواع الهجمات.
وقالت الصحيفة إن تنظيم القاعدة كان، على مر السنوات، لا يعتمد كثيرا على الدعاية، على عكس تنظيم الدولة. كما كان تنظيم القاعدة دائما ما يفضل اتباع نهج أكثر فتكا ورمزية خلال الهجمات الإرهابية التي ينفذها. في المقابل، نجده اليوم يعتمد على جهود تنظيم الدولة في كل ما يتعلق بالدعاية والرسائل الترويجية.
وتقول الصحيفة إن تنظيم الدولة لم يخسر الحرب الأيديولوجية، حيث ستظل بمثابة التحدي الحقيقي الذي سيعمل على تحقيقه. ومن المرجح ألا تؤدي الهزيمة التي تكبدها في كل من سوريا والعراق، إلى اندثاره. في المقابل، ستساهم هذه الخسارة في تغيير استراتيجيته لتناسب أهدافه، وفي اعتماده على تكنولوجيات جديدة في المستقبل.