كعادتها في ما مضى من أحداث ومواقف، اتخذت الأمم المتحدة والبعثة الأممية إلى ليبيا وحتى الأطراف الدولية المعنية بالقضية الليبية في اليوم الأول موقفا حياديا في تعاطيها مع العملية العسكرية التي أطلقها حفتر للسيطرة على العاصمة.
الأمم المتحدة ومبعوثها مرتهنون للأسلوب التقليدي في مواجهة الأزمات، فهم يحرصون على عدم التورط في إدانة الفعل العدواني خوفا من انفراط عقد التسوية السياسية، وهو نهج هزيل ساهم في تأزيم الأوضاع وتعقيد الأزمات، والحالة الليبية خير دليل على هزاله.
تردد مخل
أما العواصم الغربية، فقد اتسم موقفها الأولي بالتردد وبدا أنهم يساوون بين الضحية والجلاد، المعتدي والمعتدى عليه، بدعوتهم إلى وقف الأعمال العسكرية وحث جميع الأطراف المتحاربة على التهدئة.
شكل الخلاف بل النزاع الفرنسي ـ الإيطالي حول بدائل حل الأزمة الليبية تحديا حيال تبني موقف غربي جماعي يدين اعتداء حفتر
فرنسا عملت على أن لا تصعد العواصم الغربية من لهجتها تجاه حفتر بحجة أن ذلك قد يضع عراقيل أمام العودة إلى المسار السياسي والتسوية السلمية للنزاع
ما فشلت الأطراف الدولية مجتمعة في التوافق عليه، أخذ في الظهور في المواقف الفردية للعواصم الكبرى، فجاءت رسالة البيت الأبيض الموجهة إلى حفتر، والتي وصلت نسخة منها لحكومة الوفاق، أكثر صراحة في لوم حفتر على ما وقع ومطالبته بالتوقف عن العمل العسكري، والرجوع إلى نقاط تمركز قواته قبل العلمية العسكرية، وشددت سفارة الولايات المتحدة بليبيا على الموقف ذاته على صفحتها بتوتر.
وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت، لم يتلعثم في تقدير الموقف وتحميل المسؤولية للطرف المعتدي بقوله ليس هناك أي مبرر لتحركات الجيش في طرابلس.
تنديد إعلامي غير مسبوق
بالتبع صعد الإعلام الغربي والنخبة الأوروبية من نبرته تجاه حفتر وهجومه على العاصمة، والملاحظ أن العديد من التقارير والمقالات في القنوات والصحف والمواقع الإخبارية الغربية ركزت على الحديث بشكل مباشر عن دكتاتورية حفتر وسعيه لتقويض التحول الديمقراطي وفرض الحكم العسكري.
صحيفة "الصندي تايمز" البريطانية حملت عنوانا لتقرير تجاوز سقف النقد لحفتر بوصفه بالجنرال "المارق"، وتضمن تقريرا افتتاحيا "للنيويورك تايمز" الاتجاه ذاته في نقد حفتر وعمليته، وكان المجال متسعا لمراقبين دوليين في محطة الـ "بي بي سي" الإخبارية لتحميل حفتر المسؤولية عما يقع في العاصمة ومحيطها.
هذا الاتجاه التصعيدي إنما يعكس تحولا لا مناص منه في ظل تعنت حفتر وإحراجه للمنتظم الدولي بشكل مباشر وحتى مهين برفضه الاستجابة لطلب ممثل الدبلوماسية الدولية، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بوقف الحرب، وتحدي العواصم الغربية التي بذلت جهودا جبارة لإقناع الأطراف المناوئة لحفتر للقبول به طرفا في التسوية السياسية المرتقبة.
والأهم من ذلك، أن حفتر وهو يتحدى الإرادة الدولية التي توافق أهم ممثليها على الحل السلمي للنزاع الليبي إنما يذكرهم بشخص القذافي، وسخريته من الأطراف الدولية وتحديه للمجتمع الدولي إلى درجة الإخلال بالبرتوكولات الحاكمة في التواصل الدبلوماسي، الأمر الذي كان في نظر البعض أحد أسباب الإصرار الغربي على الإطاحة به في 2011م.
من ليبيا للجزائر للسودان.. الثورة المضادة تتراجع
قوات حفتر تمنى بخسائر في طرابلس.. هل ستكون العملية الاخيرة؟!
خالد أبو النجا.. "سكتنا له.. دخل بحماره"!