لم تكشف أزمة هزال البرلمان الليبي كما فعلت الحرب على طرابلس، فقد أظهر الهجوم أن البرلمان جسم هامشي لا يستأذن وهو حاضر ولا يفتقد حين يغيب. وينقسم البرلمان على نفسه تجاه الموقف من الهجوم على طرابلس إلى ثلاث مجموعات: الرافضون علنا وهم خمسون عضوا تقريبا، والمؤيدون علنا وهو في حدود ثلاثين عضوا، والبقية كتلة صامتة يحسبها كل من الرافضين والمؤيدين لصالحهم.
صمت غير مبرر
هناك حديث عن أن الغالبية العظمى من الصامتين من أعضاء البرلمان يميلون إلى رفض الحرب، إلا أن صمتهم يدفع إلى التأويل بأنهم ليسوا على أرضية صلبة في موقفهم، وأنهم قابلون للتأرجح بين الجبهتين، جبهة الرفض وجبهة التأييد بحسب نتائج الحرب.
هناك إشكال في تقدير عظم التحدي الذي تواجهه البلاد في ظل الهجوم على العاصمة وغبش في تقدير عواقبه
3 ـ هناك مشكلة في تقدير مكانة أعضاء البرلمان ودورهم في الحل الأمثل للتصدي للحرب والسبيل الصحيح للعودة للمسار السياسي، فالسادة النواب تبهت عندهم حقيقة أنهم "الأعلون"، وأن قائد الاعتداء موظف هم من اختاروه ومنحوه المنصب، وليس العكس، كما هو الوضع المشاهد، وأن موقفهم ينبغي أن يجسد هذه الحقيقة.
ملامح الحراك المطلوب
السادة أعضاء البرلمان الرافضون للحرب في حاجة أن يستنفدوا كافة طاقاتهم في عودة هيبة البرلمان وتحقيق التوزان في مواقفه وقراراته، وهو التوازن الذي غاب منذ أكثر من ثلاث سنوات، وأن يظهر البرلمان في صورة جسم تشريعي متماسك وفي مستوى التحدي الذي تواجهه البلاد وعاصمتها.
في حال تعذر استعادة البرلمان المختطف من قبل الأقلية من أعضائه اليوم، فإن هناك حاجة لتعظيم الكتلة الرافضة للاعتداء لتصبح الأكبر عددا والأعلى صوتا، ولتشكل إحدى الواجهات المتقدمة في رفض الحرب والتصدي للاعتداء، وتكشف للعالم أن الهجوم لا سند شرعي له.
لا ينبغي أن تكون مساهمة السادة البرلمانيين الرافضين للحرب هامشية، أو محدودة الأثر، ومحصورة في الدوائر المغلقة، بل من الضروري أن يكون دورهم رياديا وفي مقدمة "جبهة رفض الحرب والتصدي للعدوان" لأحداث زخم كبير يغير المعادلة المختلة.
أقول برغم أن كتلة الرفض أكثر عددا من كتلة التأييد، إلا أن صوتها وحراكها لم يرتق إلى مستوى أن تظهر هي الأكثر عددا والأعلى صوتا. لهذا فإن المطلوب بإلحاح أن تحضر الكتلة الرافضة بشكل قوي محليا وخارجيا وذلك من خلال:
1 ـ أن يكون لها ناطق يعبر عنها ويكشف الجديد في اجتماعاتها اليومية.
2 ـ تتبنى مسارا فاعلا في التواصل مع كتلة الصمت لجذبها إلى خانة الرفض.
3 ـ تطور وسائل تواصل مع الرأي العام المحلي بالعموم ودوائرها الانتخابية بالخصوص لرصف الصفوف وترميم الجبهة الداخلية ضد الحرب ولصد الاعتداء.
4 ـ التواصل مع النظراء الدوليين خاصة في العواصم المهمة، ومع المنظمات السياسة الدولية من أمم متحدة واتحاد أوروبي، واتحاد أفريقي، وجامعة الدول والعربية وغيرها، والتواصل مع المنظمات غير الحكومية الدولية الفاعلة السياسية والحقوقية لكسبه لصالح موقف وقف الحرب ولجم المعتدي، وإحدى أهم وسائله تشكيل وفد من بينهم يجوب العواصم المهمة والمنظمات الفاعلة
لا ينبغي أن تكون مساهمة السادة البرلمانيين الرافضين للحرب هامشية، أو محدودة الأثر، ومحصورة في الدوائر المغلقة
5 ـ حضور إعلامي قوي ومنوع يمثل أكثر عدد من المدن يسهم في فرض الكتلة البرلمانية الرافضة للهجوم كجسم فاعل يؤدي دورا حيويا في استهجان الحرب وإظهار عدم شرعيتها وتعظيم جبهة الرافضين لها في كل ربوع البلاد وضمن كل مكونات المجتمع.
المجلس الرئاسي واختبار تداعيات مع بعد الهجوم على طرابلس
مقاربة شمولية لمواجهة الهجوم على طرابلس