قضايا وآراء

هل التحقت السلطة بمعسكر التطبيع وصفقة القرن؟

1300x600

قرار السلطة المنفرد في رام الله باستئناف مسار العلاقات مع الكيان الإسرائيلي وعلى رأسها التنسيق الأمني هدد الإجماع الوطني والمصالحة الفلسطينية التي توجت باجتماعات موسكو وإسطنبول وبيروت؛ كما بددت جهود بناء استراتيجية موحدة لمواجهة صفقة القرن؛ وإذا كان الإجماع الفلسطيني أول ضحايا قرار استئاف العلاقة مع الكيان الإسرائيلي؛ فمن هو المستفيد الفعلي من القرار المتهور؟.

القرار الصادم الذي أعلن على لسان وزير الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ مساء أول أمس الثلاثاء 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي؛ كان بمثابة الصفعة لجهود المصالحة وهدية لجهود التطبيع العربية؛ إذ أعلنت السلطة وبعد ساعات قليلة من إعلان القرار عودة سفرائها إلى كل من أبو ظبي والمنامة .

القرار ورغم أنه برر من قبل الوزير حسين الشيخ ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية؛ بتقديم الحكومة الإسرائيلية ضمانات عبر رسائل شفوية ومكتوبة موجهة إلى قيادة السلطة الفلسطينية؛ تؤكد التزام حكومة الكيان بالاتفاقات الموقعة مع قيادة السلطة في رام الله؛ إلا أن الإعلان لم يتم تأكيده من قبل جهات رسمية حكومية إسرائيلية أو حتى مستقلة؛ ولم تتضح الجهة التي قدمت هذه الوعود؛ هل هي مرتبطة بنتنياهو؛ أم بوزير الحرب الجنرال بيني غانتس.

الضمانات الشفوية والمكتوبة المقدمة من حكومة الاحتلال لم يتم تاكيدها من مصادر رسمية إسرائيلية أو مستقلة؛ والأسوأ أنها تزامنت مع زيارة مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي لمصنع الخمور في مستوطنة بساغوت في الضفة الغربية؛ وإعلان نتيناهو عن إطلاق تجمع استيطان جديد في القدس الشرقية؛ وتدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي تجمع "حَمصة البقيعة"، شرق مدينة طوباس في أكبر عملية هدم وتهجير للفلسطينين من أراضيهم منذ العام 1948؛ ورغم إدانة 40 نائب أمريكي لزيارة بومبيو ورفضهم لسياسة هدم المنازل فإن السلطة عزلت قرارها عن هذه السياقات وجعلته أكثر تماهيا مع الرؤى الخليجية لما بعدحقبة ترامب؛ مقدمة بقرارها مبررا لحكومة الاحتلال المضي في سياساتها في الضفة والقطاع؛ ومعززة مكانتها لدى إدارة الرئيس بايدن الذي لن يواجه صعوبات لإحياء المفاوضات أو الضغط على الكيان الإسرائيلي للتراجع عن إجراءاته التعسفية .

 

الإجراء المتبع من السلطة كان متوقعا ولكن ليس قبل التفاوض مع الإدارة الأمريكية الجديدة بما يضمن زعزعة أركان حكومة الوحدة الإسرائيلية وبالتنسيق مع القوى الفلسطينية؛ للضغط على الكيان لوقف الاستيطان وتجريده من أوراق القوة التي عززها في عهد إدارة ترامب؛ بل والضغط على المطبعين العرب؛ لينقل الصراع إلى الساحة الفلسطينية بقرار متهور وقصير النظر؛

 



عمليا وواقعيا القرار مرتبط بشكل واضح باتصالات وجهود عربية لترميم العلاقة بين السلطة وبعض دول الخليج المطبعة؛ والتنسيق معها على الأرجح استعدادا لإدماجها في الرؤية التطبيعية والمشاريع الاقتصادية والسياسية للدول المطبعة حديثا.

قرار السلطة يبدو غامضا وغير مفهوم للوهلة الأولى؛ إذ لم يستثمر في التحولات الداخلية في أمريكا ولم ينسق مع القوى الفلسطينية وشركائه في الوطن للاستفادة من هذه التحولات للضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة لوقف الاستيطان وعمليات الهدم والتهجير واستهداف الأونروا واستعادة مكاتب المنظمة في واشنطن؛ مكتفيا بتقديم أوراق اعتماده للقوى المطبعة دون مراعاة للمصالح الفلسطينية المباشرة. 

الإعلان وضع جهود المصالحة الفلسطينية في مهب الريح؛ وهدد بفقدان أوراق الضغط الفلسطينية على الإدارة الأمريكية الجديدة لوقف الاستيطان وتفعيل قرار الأمم المتحدة 2334 لإدانة الاستيطان ودعم الأونروا؛ بل نقل المواجهة من الساحة الأمريكية والإسرائيلية لتتحول إلى مواجهة فلسطينية تستنزف القوى الذاتية المحدودة للشعب الفلسطيني؛ خدمة مجانية لنتنياهو ومن معه بدون ثمن أو مقابل.

ختاما: الإجراء المتبع من السلطة كان متوقعا ولكن ليس قبل التفاوض مع الإدارة الأمريكية الجديدة بما يضمن زعزعة أركان حكومة الوحدة الإسرائيلية وبالتنسيق مع القوى الفلسطينية؛ للضغط على الكيان لوقف الاستيطان وتجريده من أوراق القوة التي عززها في عهد إدارة ترامب؛ بل والضغط على المطبعين العرب؛ لينقل الصراع إلى الساحة الفلسطينية بقرار متهور وقصير النظر؛ ناقلا ورقة السلطة إلى معسكر المطبعين؛ مجردا الشعب الفلسطيني وقواه الحية من ورقه تفاوضية مهمة؛ توظفها الآن وللأسف قوى عربية مطبعة لا تبالي بالحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية بفلسطين بقدر ما تبالي بمصالحها الذاتية والجهوية الضيقة التي باتت مهددة بغياب ترمب وادارته عن المشهد السياسي الداخلي في أمريكا والإقليم.

hazem ayyad
@hma36