رغم المجزرة الدامية التي نفذها جيش
الاحتلال في مخيم
جنين، فإنها أظهرت له مرة أخرى حقيقة أن مئات، إن لم يكن الآلاف، من الشباب الفلسطينيين لا
يخشون التعرض للإصابة أو الشهادة في الاشتباكات معه، ما يعني أن العوامل التي قد تنذر
باستمرار التصعيد ما زالت موجودة، وهي في طريقها للزيادة، لا سيما أن المسجد الأقصى
يستعد لاستقبال شهر رمضان، هذا يعني تصاعد الاشتباكات في الضفة الغربية، وارتفاع عدد
الضحايا الفلسطينيين.
آفي يسسخاروف محرر الشؤون العربية في صحيفة "
يديعوت
أحرونوت"، ذكر أن "عملية جنين كان من المفترض أن تكون عملية سريعة مكثفة،
حين وصلت قوة إسرائيلية سرية مختبئة داخل شاحنة ألبان إلى منزل وسط المخيم توجد فيه خلية
مسلحة تخطط لشن هجوم في المستقبل القريب، لكن العملية باتت أوسع نطاقا في وضح النهار،
وفي قلب المخيم، ورغم أن المسلحين يدركون أنه في مثل هذا النوع من الأحداث، يمكنهم
ببساطة الانسحاب قليلاً، والجلوس في منازلهم، والسماح للقوات الإسرائيلية بالمغادرة، فإن العشرات منهم فضلوا محاربتها، مخاطرين بالقتل أو الإصابة".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "عملية
جنين أثبتت لجيش الاحتلال أن المئات، إن لم يكن الآلاف من الشباب الفلسطينيين لا يخافون
من التعرض للإصابة أو الموت أثناء المواجهات المسلحة معه، ولعل ذلك تطبيقا لشعار دأب
الفلسطينيون على ترديده منذ زمن طويل وهو "احذروا الموت الطبيعي، لا تموتوا إلا
تحت وابل من الرصاص"، وهو مقتبس من الشاعر غسان كنفاني، ويبدو الآن أن العديد
من الشباب في الضفة الغربية يتبنونه شعارًا للحياة، أو بالأحرى للموت، وقد بلغ عدد
الشهداء منذ بداية العام 30 شهيدا في 26 يومًا فقط، وفي 2022 بلغ عددهم أكثر من مائتين،
وفي 2021 قرابة الـ80".
وأكد أن "وتيرة الأحداث والمعارك تفوق كل ما عرفناه
في السنوات الأخيرة، وباتت دوافع الشباب الفلسطيني لقتال جيش الاحتلال آخذة في الازدياد،
ولا يبدو أن الأفق السياسي أو الأمني قد يغير هذا الاتجاه، لأن العناصر التي قد تنذر
باستمرار التصعيد موجودة، وستزداد في القريب العاجل، لا سيما بسبب العامل الديني الذي
يجسّده المسجد الأقصى، استعدادًا لشهر رمضان الذي سيبدأ بعد شهر ونصف، بجانب المواجهات
المستمرة بين الفلسطينيين والمستوطنين، كلها عوامل تشكل برميل المتفجرات يجلس عليه
الإسرائيليون هذه الأيام بلا أفق للراحة".
وطالما أن تشكيل الحكومة اليمينية المتطرفة لا يساعد بالتأكيد
على تهدئة الأجواء السائدة، فإنه يبدّد أي حديث عن شريك حقيقي في الجانب الفلسطيني،
وفي الوقت ذاته يجب التأكيد، رغم أن جنين فريدة من نوعها، على أن دوافع الشباب الفلسطيني
لقتال جيش الاحتلال لا تقتصر فقط على جنين ونابلس، فقد أصبح إطلاق النار على قوات الاحتلال
ظاهرة شائعة في جميع أنحاء الضفة الغربية، بما فيها بيت لحم وبدرجة أقل في الخليل،
وبالتأكيد في خط قلنديا والشمال.