نشر موقع "
نيوز ري" الروسي تقريرًا تحدث فيه عن
اقتراب طهران من تخصيب اليورانيوم بنسبة 92 بالمئة لبناء
قنبلة نووية على الرغم من
الصعوبات التي تعترضها.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"،
إن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجدوا جزيئات يورانيوم مخصب بتركيز 84 في المائة
داخل منشآت
إيران النووية.
حادث لا أكثر
وأضاف الموقع أن إيران أكدت في العديد من المناسبات أن أجهزة
الطرد المركزي المتوفرة لديها تسمح بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 بالمئة فقط،
غير أن خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية عثروا على جزيئات يورانيوم مخصب بتركيز
84 في المائة. وبناء على ذلك، تدرس الوكالة النووية احتمالين، يتمثل الأول في ملل إيران
من الدبلوماسية والمفاوضات، ما دفعها لاتخاذ قرار بشأن صنع قنبلتها النووية. أما الثاني
والذي عبّر عنه الجانب الإيراني، فهو تخصيب بعض جزيئات اليورانيوم نتيجة تراكم غير
مقصود في أجهزة الطرد المركزي الغازية.
وأفاد الموقع أنه بناء على مناقشة التقرير الجديد حول البرنامج
النووي الإيراني في السادس من آذار/ مارس المقبل؛ ستقرر الوكالة الدولية للطاقة الذرية
ما حدث بالفعل، وما إذا كان يتعين على مجلس الأمن الدولي معاقبة إيران مرة أخرى. في
غضون ذلك؛ يزعم علماء الذرة الإيرانيون أن
الغرب يحاول تشويه سمعة إيران.
ونسب الموقع للمتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية،
بهروز كمالوندي، تأكيده أنه لا يوجد شيء غريب أو إجرامي في وجود بعض جزيئات اليورانيوم
مخصبة بتركيز يفوق 60 بالمئة، لافتًا إلى إمكانية ظهور مثل هذه الجسيمات في بعض الأحيان
نتيجة لعملية التخصيب، والذي لا يعني على الإطلاق أن إيران ترفع عتبة التخصيب إلى مستوى
الأسلحة.
من أجل السلام ولكن بشروط نووية
ونقل الموقع عن فلاديمير ساجين، وهو كبير الباحثين في مركز
دراسة الشرق الأدنى والأوسط في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية
ومؤلف كتب عن الهياكل العسكرية والنووية لإيران؛ قوله إن إيران عززت في السنوات الأخيرة
أنشطتها النووية إلى الحد الذي يمكنها في حال أرادت ذلك إنتاج دفعات كاملة من
"يورانيوم الحرب" عالي التخصيب في غضون أسابيع قليلة.
وبحسب ساجين؛ تفتقر إيران في الوقت الحالي إلى طائرات مقاتلة
قادرة على حمل أسلحة نووية، لكنها تعمل منذ فترة طويلة على تطوير مجال الطائرات دون
طيار والصواريخ القادرة على حمل الرؤوس الحربية النووية بحسب الخبراء.
ووفق الموقع؛ فقد أضاف ساجين أن إيران قطعت شوطًا طويلًا،
وبدأت في الوقت الراهن في إنشاء أجهزة طرد مركزي حديثة لجيل جديد، غير أن صنع قنبلة
من غاز اليورانيوم الذي يتم تخصيبه في أجهزة طرد مركزي يبدو مستحيلا لأن ذلك يستدعي
تحويل الغاز إلى حالة معدنية، الأمر القادرة إيران على تحقيقه فقط باستخدام الغاز المخصب
بنسبة 20 بالمئة.
وذكر الموقع أن امتلاك إيران لترسانة نووية قد يتحول إلى
حقيقة في غضون سنوات قليلة فقط إذا لم يعرقل أحد عمل الفيزيائيين والعلماء النوويين
الإيرانيين، وهو السيناريو الذي يستبعد ساجين حدوثه في ظل معارضة إسرائيل والولايات
المتحدة والعديد من الدول العربية هذه الخطط ومراقبتهم عن كثب تطور المجال النووي الإيراني
وقدرتهم على استخدام أساليب القوة.
في الوقت نفسه؛ يشير ساجين إلى إمكانية عدم صنع إيران الأسلحة
بنفسها، وإلى سعيها بلوغ مستوى من تطوير التقنيات الصاروخية والنووية يخول لها إنشاء
رأس حربي نووي في غضون بضعة أشهر.
ويلفت ساجين الانتباه إلى قدرة عشرات الدول على غرار ألمانيا
واليابان وكندا على صنع أسلحة نووية في غضون شهر رغم غياب الحاجة السياسية لذلك. في
المقابل؛ تسعى إيران إلى بلوغ نفس المستوى من التطور، الأمر الذي تفوق حاجتها السياسية
إليه حاجتها العسكرية.
هل يحق لإيران ذلك؟
ويشير الموقع إلى الخلاف الذي يسببه البرنامج النووي الإيراني
بين إيران والغرب، على الرغم من المساعدة التي قدمها المختصون الأمريكيون والفرنسيون
والألمان لإيران قبل الثورة الإسلامية سنة 1979 في مجال فهم الطاقة الذرية، فإن هذا
الموقف قد تغير مع وصول آيات الله إلى السلطة.
والجدير بالذكر، أنه عقب الثورة مباشرة، لم يكن الإيرانيون
مهتمين بالمشاريع النووية، نافين حاجتهم إليها، وتجلى ذلك في طرد آية الله علي الخميني
بمجرد وصوله إلى السلطة جميع المتخصصين الأجانب والمحليين في مجال الطاقة النووية من
البلاد، لكن مع استخدام الجيش العراقي الأسلحة الكيماوية خلال الحرب العراقية الإيرانية
بين 1980 و1988، عدلت طهران عن قرارها وارتأت استئناف البرنامج النووي سرًا بعيدًا
عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتابع الموقع قائلًا إن إيران ظلت تعمل على مشروعها في كنف
السرية حتى سنة 2003، إلى حين حصول جماعات المعارضة على معلومات تفيد ببناء بعض المرافق
الغامضة تحت الأرض وتسليم البيانات الخاصة بالبناء إلى الولايات المتحدة، التي توصلت
إلى أنها منشأة نووية لتخصيب اليورانيوم، الأمر الذي أطلق عنان الملحمة النووية الإيرانية.
وأورد الموقع أنه بحلول سنة 2010 أنتجت إيران الدفعة الأولى
من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة، وهي الخطوة التي تبعتها عقوبات دولية صارمة
أعاقت نمو البلاد بشكل كبير وأجبرت إيران على تعديل تصريحاتها، وفي سنة 2015، وقعت
إيران والمجتمع الدولي على خطة عمل شاملة مشتركة، تحد بموجبها إيران من أنشطتها النووية
وتضمن عدم عسكرة إيران برنامجها النووي لعقود قادمة، لكن مع وصول دونالد ترامب إلى
السلطة؛ انسحبت الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة لسنة 2018 وأعادت فرض
العقوبات ضد إيران زاعمة أن طهران تملك خططًا نووية.
وأنهى الموقع التقرير بما قاله ساجين من أن إيران منذ ذلك
الحين استأنفت أنشطتها النووية وخطت خطوات واسعة في هذا المجال لدرجة تبدو فيها مقارنة
مستوى تطوير البنية التحتية النووية الإيرانية بين سنتي 2018 و2023 مهمة مستحيلة.