أبدى عضو المكتب السياسي في جماعة "الحوثي"، علي القحوم، تفاؤله بالجهود والوساطة التي تقوم بها سلطنة عمان لأجل تحقيق السلام
العادل وحسن الجوار.
وقال القحوم في تصريح لـ"عربي21" السبت، إن هناك جدية
وأجواء إيجابية وتقدما ملحوظا في المشاورات التي تجري مع
السعودية برعاية عمانية.
وعبر عن أمله في تحقيق السلام المستدام الذي يلبي تطلعات وتضحيات
الشعب
اليمني، ويحافظ على سيادة ووحدة واستقلال البلد، مشيرا إلى أن الأولوية حاليا للملفات الإنسانية، ووقف ما سماه "العدوان" (التحالف الذي تقوده
السعودية)، ورفع الحصار، وخروج القوات الأجنبية، وإعادة الإعمار، وجبر الضرر، وتهيئة
الأجواء للحوار اليمني برعاية أممية، دون أي وصاية أو تدخلات خارجية.
وفي الثامن من أبريل/ نيسان الجاري، وصل وفدان سعودي وعماني إلى العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها
الحوثيون، وأجريا محادثات مع قيادة الجماعة، ضمن
المساعي التي تضاعفت مؤخرا لإحياء عملية السلام في اليمن بعد التقارب الأخير بين
الرياض وطهران.
وأكد عضو المكتب السياسي في جماعة الحوثي أن المشاورات ستكون مستمرة
في قادم الأيام، وسيتحقق التقدم، مهما كانت المعوقات.
ودعا القحوم السعودية إلى "المضي في طريق السلام، والخروج من
العباءة الأمريكية، وكسر القيود والضغوط الغربية الدافعة دوما لاستمرار العدوان
والحصار على اليمن، وبالتالي إغراقها في المستنقع والوحل.
وأضاف: "تلك الدول تعمل على توريط الرياض في تدمير اليمن
واستعداء جيرانها، لمآرب استعمارية واضحة وأمان وأحلام قديمة جديدة للولايات
المتحدة وبريطانيا".
واتهم القيادي الحوثي واشنطن ولندن بالسعي لاحتلال اليمن، وإبقاء
الساحة المحلية مضطربة، محذرا من أنه كلما كانت البلاد كذلك، سيتمدد الاضطراب فيها إلى خارج الحدود، كون أمن اليمن واستقراره يمثل أمنا للمنطقة ودول الجوار.
ولفت القحوم إلى أن كل الذرائع التي رفعتها المملكة للعدوان (التحالف)
تساقطت، وأثبتت الأحداث والوقائع أن المشكلة خارجية، وأطماع استعمارية، فلا شرعية
إلا شرعية المحتل والغازي، والمؤامرة الدولية مهولة على اليمن.
وقال إن هناك تدفقا وتواجدا كبيرا للقوات الأمريكية في باب المندب (حيث
ممر الملاحة الدولي) وقبالة السواحل اليمنية، للسيطرة على هذا المضيق الاستراتيجي.
وذكر أن هذا الأمر خطير، ويمثل تهديدا على مستوى المنطقة، مع تغير
المناخ الدولي وتبدل التحالفات بين الشرق والعرب، وظهور قوى دولية تلعب على إنهاء
القطبية الواحدة.
"رسم مسار للتسوية "
من جانب آخر، قالت دراسة يمنية حديثة إن المباحثات بين السعودية
والحوثيين وقيام وفد سعودي بزيارة صنعاء كانت نتاج تخطيط مبكِّر من الرياض، وإنَّ
الأخيرة قد هندست الأحداث -منذ وقت مبكِّر- بما يؤدي إلى الوصول لهذه اللحظة
الفارقة؛ باعتبارها المتحكِّم الرئيس في الصرِّاع.
وأشارت الدراسة التي صدرت حديثا عن "مركز المخا للدراسات
الاستراتيجية" إلى أن السعودية -في الوقت الذي كانت منشآتها الحيوية تتعرَّض
لضربات مِن قبل جماعة الحوثي- قدَّمت في مارس 2022، مبادرة سياسية، تضمَّنت وقف
إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة، لكن لم يتجاوب الحوثيون معها، ورغم ذلك مضت
قدمًا في هذا المضمار.
وشهد شهر نيسان/ أبريل الحالي (2023)، وفقا للدراسة، تطوُّرًا
دراماتيكيًّا في مسار الصراع الذي تشهده اليمن منذ عام 2015م، فقد قام وفد سعودي،
يقوده سفير الرياض لدى الحكومة اليمنية، محمد آل جابر، بزيارة إلى صنعاء، بمعية وفد
عُماني، وأجرى خلال الزيارة مباحثات مع قيادة جماعة الحوثي، استمرَّت ستة أيام (من
8 وحتى 13 أبريل).
وأضافت: "على الأرجح، فإنَّ الزيارة كانت تستهدف وضع اللَّمسات
الأخيرة على تصوُّر لتسوية شاملة للحرب في اليمن، كان قد جرى التفاوض بشأنها بين
الطرفين، في العاصمة العُمانية (مسقط).
وتابع مركز المخا في دراسته: "يبدو أنَّه كان مِن المخطط أن تتم
دعوة وفد مِن قيادات جماعة الحوثي لزيارة المملكة العربية السعودية، والتوقيع على
مشروع التسوية، في الأيام الأخيرة لشهر رمضان الفائت، بمكة المكرمة، إلَّا أنَّه
طرأت أمور أربكت المخطَّط السابق، واقتضت عقد جولة -وربَّما جولات جديدة- مِن
المفاوضات، بعد عيد الفطر المبارك".
واستطرد المركز قائلا: في حين يُعلِّق الكثير مِن المتابعين آمالهم
على تلك المفاوضات في أن ترسم مسارًا لتسوية سياسية تنهي الحرب في اليمن، غير أنَّ
فحص طبيعة المفاوضات والأطراف التي تشارك فيها، والتداعيات التي يمكن أن تنبني
عليها، يُظهِر محدودية العوائد الإيجابية المتوقَّعة مِنها.
وبخلاف ذلك -كما يوضح مركز المخا للدراسات الاستراتيجية- فإنَّها إذا ما
وصلت إلى منتهاها قد تسهم في إضافة المزيد مِن التعقيد للصراع في اليمن، بل قد
تتسبَّب -إلى جانب عوامل أخرى بطبيعة الحال- في تجميده، وتطويله أيضًا.
وأوردت الدراسة أن التحوُّل الأكبر باتِّجاه مسار المفاوضات كان
بالتغير الذي أشرفت عليه الرياض في بُنية السُّلطة الشرعية، مِن خلال إزاحة
الرَّجلين الأكبر صلابة في مواجهة جماعة الحوثي في السُّلطة الشرعية، في إشارة إلى رئيس الجمهورية "عبدربه منصور هادي"، ونائبه الفريق علي محسن الأحمر،
وأن يستبدل بهما مجلس قيادة رئاسي، مِن ثمانية أشخاص، بقيادة رشاد العليمي.
"مكافأة غير مستحقة"
وأعتبر المركز اليمني أن زيارة الوفد السعودي لصنعاء مثّل مكافأة غر
مستحقَّة وكرمًا زائدًا لنهج الحوثيين المتصلِّب في المفاوضات.
وقال إن الزيارة تصوِّرهم على أنَّهم انتصروا في الحرب، وهذا وضع قد
يدفعهم إلى التَّمسُّك بمتلازمة العمل العسكري ورفع سقف المطالب، وهو أمر سيقود إلى جولات جديدة مِن العنف، وليس السلام.
وهو ما حذَّر منه تقرير صدر عن مجموعة الأزمات الدُّولية، بتاريخ 29
ديسمبر2022 م، حيث "أشار إلى أنَّ "اتِّفاقًا سعوديًّا حوثيًا.. إذا صيغ
بشكل سيِّئ، أي إذا كان أكثر كرمًا مما ينبغي مع الحوثين، فإنَّ مِن شأنه أن
يزيد مِن جرأة الحوثين على التَّهرُّب مِن المفاوضات، ودفع الأطراف الأخرى إلى تعطيله، أو يؤدِّي إلى مرحلة أكبر فوضوية مِن القتال".
"مكاسب مشتركة"
ورجح مركز المخا للدراسات أنّ المفاوضات ونتائجها تركزت "حول
مصالح واحتياجات الطَّرفين المشاركين فيها (السعوديين والحوثين)، فالرياض تسعى
لتحييد تأثير الصراع في اليمن على منشآتها الحيوية، وحدودها، ومناخ الاستثمار
لديها، وتحقيق ما تتطلَّبه رؤية 2030، والنفوذ الاقتصادي المتصاعد لها في المنطقة
والعالم.
وخلصت الدراسة إلى أن استمرار المفاوضات القائمة بين السعودية وجماعة
الحوثي على ما هي عليه سينتج تسوية تُلبِّي احتياجاتهما بدرجة أساسية، دون أن تلبي
مطالب ومخاوف السلطة الشرعية وقطاع واسع مِن الشعب اليمني.
كما أنها ستمثِّل محفِّزًا عاليًا للحوثيين للتمسُّك بنهجهم في رفع
سقف مطالبهم، وهو ما سينقل اليمن إلى مرحلة هشَّة، تكون فرص التسوية معها في
حدِّها الأدنى، فيما تكون فرص الجمود أو تجدُّد الاقتتال أكبر، وفقا لما ورد في
الدراسة الصادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية
ومنذ أيام، دخلت المفاوضات بين جماعة الحوثي والسعودية مفترق طرق،
بعد تعثر التفاهمات بينهما، وسط تعقيدات واشتراطات جديدة من قبل الجماعة المدعومة
من إيران، وفق ما صرح به مصدر حكومي لـ"عربي21" الأربعاء الماضي.
وقال المصدر إن المفاوضات التي تخوضها السعودية مع الحوثيين، تعثرت
بسبب الاشتراطات الجديدة من الأخيرة، دون مزيد من التفاصيل.
ويشهد اليمن منذ 8 سنوات حربا بين القوات الموالية للحكومة الشرعية،
مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، وبين الحوثيين المدعومين من إيران
والمسيطرين على محافظات بينها صنعاء (شمالا) منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
واتفقت الرياض وطهران في مارس/ آذار الماضي، على استئناف العلاقات
الدبلوماسية، التي انقطعت بين البلدين في 2016، وعزّز تبادل السجناء بين الجانبين
هذا الشهر الآمال في التوصل إلى حل للنزاع في اليمن.