بعد سلسلة
الاغتيالات
التي نفذها جهاز الموساد في قلب
إيران، ظل الإيرانيون يبحثون عن الانتقام في
الداخل الإسرائيلي، كجزء من حرب الظلال متعددة الأبعاد التي يشنها الشاباك
والموساد ضد المخابرات الإيرانية، والتي تعمل على جمع المعلومات، وتهريب الأسلحة،
وتمويل وتوجيه الهجمات، بهدف "خلق الفوضى في إسرائيل".
أمير بوخبوط المراسل
العسكري لموقع
واللا، ذكر أن "سلسلة الاغتيالات لكبار الشخصيات الإيرانية دلّ
على اختراق إسرائيلي كبير لكل التشكيلات في البلاد مترامية الأطراف، بما فيها
الدوائر الأمنية المشددة، ثم جاءت ضربات أكثر إيلاما، من خلال مسؤولية الموساد عن
تخريب ومهاجمة منشآت عسكرية، والقضاء على مهندسين وعلماء ورؤساء مشاريع سرية في
قلب إيران، فيما قرر الإيرانيون الانتقام، وخصصوا ميزانية وموارد كبيرة لتحقيق هذه
الغاية، بتكثيف الجهود لإيذاء الإسرائيليين المقيمين خارج إسرائيل: في تركيا ودول
أفريقيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا، وحتى الإمارات".
التغلغل الأمني
وأضاف في تقرير ترجمته
"عربي21" أنه "مرة تلو الأخرى، تم إحباط البنى التحتية التي بناها
الإيرانيون من قبل مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي، رغم وقوعهم في مشاكل مع الدول
الأجنبية التي أرادوا تنفيذ هجمات على أراضيها، لكن الفشل ظل يطارد الإيرانيين
لعدم تحصيل ثمن من إسرائيل مقابل سلسلة الاغتيالات، ما دفعهم لتحديد هدف واضح
للغاية يتمثل في استثمار جهد استخباراتي في العمق الإسرائيلي، بجانب الجهد الكبير
جداً لحماية النظام لمنع التغلغل الإسرائيلي في إيران، وإحباط الاغتيالات كما حدث
في السنوات الأخيرة".
وأوضح أن
"التغيير تمثل في سياسة أجهزة الاستخبارات الإيرانية بإرسال الأسلحة باتجاه
إسرائيل، ولهذا الغرض تستخدم العديد من الرسل، وليس بالضرورة المنظمات المعادية
فقط، ما أوجد في إسرائيل في 2016، وكجزء من التخطيط للخطة المتعددة السنوات، فقد
قدم كبار مسؤولي الشاباك للجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء اتجاها للعمل وتكثيفه تحت
عنوان "إيران هنا"، على خلفية تفاهم استخباراتي، مفاده أنه مع مرور
الوقت لن يتمكن الإيرانيون من استيعاب الضربات الإسرائيلية، وسيحاولون نقل الثقل
من الخارج إلى إسرائيل، من خلال الاستعداد تنظيماً وهيكلة وأساليب عمل ضد الأساليب
الجديدة التي ظهرت في عوالم التجسس".
وأشار إلى أنه
"قبل عامين، وكجزء من التغيير التنظيمي الذي قاده رونين بار رئيس الشاباك،
تقرر تحويل قسم مكافحة التجسس إلى قسم خاص بشعبة مكافحة التهديدات من الدول،
العاملة بالتعاون مع مختلف مناطق الشاباك، وجميع الهيئات في مجتمع الاستخبارات، مع
أن بناء القوة الجديدة في الشاباك جعل الجناح الجديد وكالة الاستخبارات الوحيدة في
إسرائيل التي يمكنها النظر في البنى التحتية الإيرانية لتحديد أساليب التدابير
المضادة، لا سيما عقب زيادة مكانة إيران بعد اندلاع حرب أوكرانيا وروسيا، واعتماد
الأخيرة على منظومات الأسلحة الإيرانية".
تحويل الأموال
وأوضح أن
"تقديرات الشاباك تتحدث عن أن المخابرات الإيرانية تكثف جهودها للإضرار بإسرائيل
من عدة محاور، بما فيها الأردن، عقب كشف بنية تحتية لتهريب العبوات الناسفة،
وإرسال الأموال لتمويل العمليات المسلحة في لبنان وسوريا وغزة وداخل إسرائيل،
الجزء الأكبر منها يمرّ عبر الصرافين والمهربين والوسطاء إلى حماس والجهاد
الإسلامي والمنظمات الصغيرة والمنظمات الجديدة مثل عرين الأسود في نابلس ومسلحي
مخيم جنين، وتشمل الطريقة التدريجية تحويل الأموال والمساعدة في تهريب الأسلحة
والذخائر والتجنيد والتوجيه لكل هجوم، والتشجيع على تنفيذ هجمات إضافية".
وأكد أن "الجهاز
الأمني الإسرائيلي يرصد عمل المخابرات الإيرانية بأساليب متنوعة، وفي عدة ساحات
لتهريب الأسلحة، وتحويل الأموال، بعدة طرق: أولاها الاستفادة من الوضع غير المستقر
في الضفة الغربية، لأسباب سياسية واقتصادية بشكل رئيسي، وضعف السلطة الفلسطينية
وأجهزتها الأمنية غير الفعالة، من أجل ضخّ مبالغ كبيرة جدا من الأموال لتمويل
الأنشطة والهجمات المسلحة، ومنذ بداية العام أحبط الشاباك أكثر من 300 عملية إطلاق
نار، ومحاولات فيلق القدس لتجنيد شبان الضفة الغربية لتنفيذ أنشطة معادية،
والتواصل معهم عبر برنامج مشفر وبريد إلكتروني مخصص لجمع معلومات حول أنشطة جيش
الاحتلال".
وكشف أن "الطريق
الثاني تم تعريفه بأنه "مستهدف" وحساس، ويتضمن أعمالا ملموسة هي محاولات
لإنتاج هجمات ضد شخصيات بارزة في إسرائيل، مع اختيار طريقة الجمع على الهدف
والتنفيذ واختيار توقيت الهجوم، وهي في تزايد ملحوظ، بجانب المحاولات لتنفيذ هجمات
معادية، بالاستعانة باستخبارات كلاسيكية تشمل أساليب تجسس مختلفة ضد إسرائيل، مع
وجود بنى تحتية كثيرة ومتنوعة للإيرانيين لجمع المعلومات الاستخبارية في عصر
الشبكات الاجتماعية والتقنيات المتقدمة، وجزء من الجهد يهدف إلى جمع قواعد بيانات وشركات مختارة ومناطق جغرافية وقواعد عسكرية وبنى تحتية، وازدياد التجسس على أفراد
في إسرائيل".
وأشار إلى أنه
"في معظم الحالات ضمن إطار التجسس الإيراني، فإن جامعي المعلومات في إسرائيل
لا يعرفون أنهم يجمعون معلومات استخباراتية للإيرانيين، وقليل جداً من العملاء
يعرفون أن عملهم يخدمهم، ما يشير إلى رغبة إيران في استعادة سيطرتها على المنطقة،
وللانتقام من إسرائيل بسبب تصرفاتها ضدها من خلال نقل الأسلحة للخلايا النائمة
للمنظمة في إسرائيل من أجل تسليحها لوقت الحاجة، لإيذاء كبار الشخصيات في إسرائيل
وضباط الجيش والسياسيين، سواء بغرض الاختطاف أو تحديد أماكن حساسة داخل إسرائيل من
أجل إطلاق الصواريخ عليها في زمن الحرب".
فضلا عن ما تقدم، فإن
المخابرات الاسرائيلية تتهم إيران بالتركيز على التأثير داخل دولة الاحتلال،
وتعميق التوتر فيها، بالتزامن مع تصاعد احتجاجاتها، على خلفية تحريض جامح على
شبكات التواصل، وتوزيع المنشورات التي تتضمن محتوى تحريضيا، ولوحات إعلانية معلقة،
وطباعة رسائل على القمصان، والأسوأ هو التشجيع المباشر على العنف، تمهيدا لإحداث
الفوضى فيها، ما سيزيد من انشغال الحكومة والجهاز الأمني بالمشاكل الداخلية،
ويقلّل من الانشغال بإيران ووكلائها، بجانب زيادة نفوذها في الفضاء الإلكتروني
لعدة أغراض، أهمها جمع المعلومات الاستخبارية وتعطيل الأنظمة والتجنيد والتنشيط
والتحريض.