تحت وسم "
السيسي بيمسح تويتاته" تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي٬ المنشورات التي قام رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بمسحها من حساباته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي مؤخرا٬ وذلك بعد كثرة استدعاء المواطنين لها للمقارنة بين الوعود البراقة التي كان يصبر بها المواطنين وبين الواقع الأليم الذي يعيشه المواطن المصري.
وما لم يفطن له رئيس النظام المصري أن العديد من المنشورات كانت تصريحات مسجلة في مؤتمرات له٬ وهو ما سهل على المواطنين استدعاء أصل الفيديو الذي يحمل تصريحات السيسي.
وتنوعت المنشورات المحذوفة بين السياسية التي قال فيها إنه سيترك منصبه إذا قرر الشعب ذلك٬ وأيضا لن يفرط في مياه النيل أو أي شبر من الأرض المصرية. وبين الوعود الاقتصادية التي وعد فيها المواطنين بتحسين الوضع الاقتصادي ومعالجة ارتفاع
الأسعار٬ وانقطاع
الكهرباء وعدم قطع
الدعم.
وقال نشطاء إن السيسي قام بمسح منشورات على "فيسبوك" وتركها على منصة "إكس" في تخبط من قبل رأس النظام المصري٬ وأرجع البعض ذلك إلى الانتشار الكثيف لفيسبوك عن باقي المنصات.
فبحسب إحصائيات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في مصر٬ فلا يزال فيسبوك هو المنصة الأكثر هيمنة في البلاد، حيث يحتفظ بنسبة كبيرة من حصة سوق وسائل التواصل الاجتماعي٬ فحتى شهر آذار/مارس الماضي، شكل فيسبوك 60.81% من نشاط وسائل التواصل الاجتماعي في مصر.
الوعود السياسية المحذوفة
"لن أتخلى عنكم إلا إذا كانت هذه رغبتكم"٬ مسح السيسي هذا المنشور من صفحته على فيسبوك٬ فمع بداية اليوم الثاني لمؤتمر الشباب الثالث المنعقد في مدينة الإسماعيلية، في 26 نيسان/أبريل 2017، وجه السيسي مجموعة من الرسائل للشعب المصري، مطالبا إياهم بالصبر حتى رؤية الإنجازات، شارحا الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به.
واعتبر السيسي أن مصير مصر بيد شعبها، مؤكدا على أنه لن يحكم مصر بدون رغبة الشعب قائلا: "لن أتخلى عنكم إلا إذا كانت هذه رغبتكم".
وأيضا من المنشورات التي حذفت٬ جملة كانت في حوار إعلامي في 18 أيار/مايو 2014 قال فيها السيسي عندما ترشح للانتخابات الرئاسية بعد انقلابه العسكري: "أنا مواطن مصري، أحب بلدي وكل المصريين أهلي وحبايبي، وليس لي خصومة مع أحد".
مظاهرات 20 سبتمبر
وقد عبر الشارع المصري عن رغبته في 20 أيلول/ سبتمبر 2019؛ حين دعا الممثل المصري ومقاول الجيش المنشق محمد علي المصريين إلى الخروج في مظاهرات حاشدة للمطالبة برحيل السيسي.
وتصدر وسم "انزل 20 سبتمبر" مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، حيث نزل الآلاف إلى الشارع مطالبين برحيل السيسي ونظامه. ولكن النظام المصري رد على المتظاهرين بحملة اعتقال وحشية ومحاكمات جائرة طالت الآلاف.
غياب المنافسة السياسية
وفي الوقت الذي يقول فيه السيسي إنه ليس لديه مشكلة مع المعارضة٬ اعتقِل في 27 أيار/ مايو الماضي، المعارض السياسي أحمد الطنطاوي من داخل قاعة المحكمة بعد أن أصدرت محكمة الاستئناف، حكما عليه بسجنه سنة مع نحو 20 من مؤيديه ومنع من الترشح للانتخابات الوطنية 5 سنوات.
واتهم الطنطاوي ومؤيدوه بطباعة وتوزيع استمارات توكيل غير رسمية٬ أثناء محاولته جمع توكيلات لتقديم أوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية.
وفي تعقيبها قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية٬ إنها وثقت عشرات حالات الاعتقال غير القانوني، والترهيب، والملاحقات القضائية بحق المرشحين المحتملين ومؤيديهم قبل الانتخابات، وكلها حالت فعليا دون أي منافسة حقيقية.
100 ألف معتقل سياسي بالسجون
ومنذ الانقلاب العسكري في 3 تموز/يوليو 2013 تم اعتقال ما يقرب من 100 ألف معتقل سياسي بالسجون المصرية من مختلف التيارات السياسية٬ في ظل وجود أغلبية من التيار الإسلامي. ورصدت العديد من المنظمات الحقوقية آلاف الانتهاكات داخل السجون من قتل وتعذيب واغتصاب وانتهاك جنسي.
لا لقطع الكهرباء
كثرت الوعود الاقتصادية لرئيس النظام المصري٬ والتي كان من أهمها عدم قطع الكهرباء٬ والحفاظ على الدعم٬ وارتفاع الدولار.
ومن المنشورات التي ألغيت حديثه عن الكهرباء٬ ففي 30 أيلول/سبتمبر 2023 في افتتاح مؤتمر "حكاية وطن.. بين الرؤية والإنجاز" بالعاصمة الإدارية الجديدة٬ قال السيسي إن: "مشكلة الكهرباء بدأت في مصر قبل ثورة يناير بسنوات ونجحنا في بناء شبكات طاقة تكفي احتياجات المواطن والمستثمر خلال عام ونصف".
لكن بحسب الواقع الذي يعيشه المواطن٬ فإن الحكومة المصرية تقوم بقطع الكهرباء يوميا في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاث ساعات٬ عدا بعض المناطق السيادية مثل العاصمة الإدارية الجديدة٬ والمناطق التي يسكنها الأثرياء في القاهرة الكبرى٬ ومنطقة الساحل الشمالي والتي تحتوي على العديد من القرى السياحية التي يرتادها الأثرياء والطبقة الحاكمة في مصر.
ويتزامن هذا الانقطاع مع عديد الحوادث التي تحدث بسبب انعدام الكهرباء٬ كما قامت الحكومة برفع الدعم عن الكهرباء التي لا تأتي في ظل ارتفاع درجات الحرارة بفصل الصيف٬ عن المواطنين. وسبق أن قال المتحدث باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني٬ في 27 أيار/مايو الماضي٬ إنه سيتم رفع الدعم النهائي عن الكهرباء بشكل تدريجي على مدار الـ 4 سنوات المقبلة.
وفي افتتاح محطة كهرباء غرب محافظة أسيوط الجديدة٬ 18 أيار/مايو 2018 قال السيسي إن مصر أنجزت ملف إنتاج الكهرباء في وقت غير مسبوق، موضحا: "استطعنا تجاوز أعباء إنتاج الكهرباء خلال سنة واحدة وأصبح لدينا فائض في الإنتاج".
لا للمساس بالدعم
ومن المنشورات التي حجبها رئيس النظام المصري٬ "لن يتم إلغاء بطاقات التموين ودعم
الخبز احذروا من الشائعات ومن يجعلكم تشككون في أنفسكم وفي دولتكم". كما ألغي منشور "الدين العام قفز من 700 مليار جنيه إلى 304 تريليونات جنيه".
رغم حديث السيسي الدائم عن عدم المساس برفع الدعم عن بطاقة التموين٬ وعدم رفع الدعم عن الخبز٬ لكنه في الأول من حزيران/يونيو الجاري٬ قرر زيادة رغيف الخبز المدعم 300٪٬ فبعد أن كان سعر الرغيف 5 قروش أصبح 20 قرشا.
وبحسب رئيس الوزراء المصري المقال مصطفى مدبولي٬ فإن مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم٬ سترفع سعر رغيف الخبز المدعوم، وإن رغيف الخبز سيبقى مدعوما، لكن "يجب تحريك سعره بما يتناسب مع الزيادة الرهيبة في الأسعار".
وأكد رئيس الوحدة الاقتصادية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وائل جمال، أن الحكومة اختارت تنفيذ التقشف المالي الذي يطلبه صندوق النقد، على حساب الفقراء من خلال تقليص فاتورة دعم العيش، وهو ما وصفه جمال بقرار سياسي تتحمل الحكومة مسؤوليته.