في الوقت الذي تتزايد فيه الترجيحات بقرب موعد
اللقاء الذي سيجمع الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان برئيس النظام السوري
بشار الأسد،
يبعث الأخير برسائل متضاربة "وضاغطة" في هذا المسار، تمثلت في وضع
النظام السوري اسم الرئيس التركي أردوغان على قائمة من المتهمين لديه بتهمة
"دعم وتمويل الإرهاب".
وفي التفاصيل، نشرت مصادر إخبارية صوراً لقائمة
جديدة صادرة عن "هيئة مكافحة وغسل الأموال وتمويل الإرهاب" التابعة
للنظام السوري، صادرة في تموز/ يوليو 2024، ضمت اسم الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، ورئيس الحكومة التركية السابق أحمد داود أوغلو.
والقائمة هي تحديث لقائمة الأشخاص والكيانات المتهمة
بغسيل الأموال ودعم الإرهاب المحلي، اعتاد النظام على إصدارها منذ اندلاع الثورة
ضده في العام 2011.
واللافت أن اسم أردوغان جاء على رأس القائمة، الأمر
الذي أثار تساؤلات عن أهداف النظام السوري من هذه الخطوة "السياسية"،
وتوقيتها الذي يأتي بالتزامن مع تجديد
تركيا رغبتها في تطبيع العلاقات مع النظام
السوري، وإبداء الأسد مرونة حيال اللقاء بأردوغان.
رسائل ضاغطة
ويضع الباحث في مركز "إدراك للدراسات
الاستراتيجية" محمد سالم خلال حديثه لـ"
عربي21" الخطوة، في خانة
التأكيد من النظام السوري على شروطه المسبقة قبل الموافقة على اللقاء بين أردوغان
والأسد.
ويشترط النظام السوري بالدرجة الأولى انسحاب القوات
التركية من الشمال السوري، في حين تربط أنقرة تنفيذ المطلب بانتهاء التهديدات التي
تشكلها "التنظيمات الإرهابية" التابعة لحزب "العمال"
الكردستاني على أمنها انطلاقا من الحدود السورية.
بالتالي، فإن الهدف، وفق سالم، من تضمين أردوغان في قائمة
"الإرهاب" لدى النظام هو محاولة فرض الانسحاب العسكري من قبل الأتراك
من شمال
سوريا، أو على الأقل الوعد به، وقال: "نشاهد عددا من وسائل الضغط
منها على سبيل المثال هذه الرسالة إلى جانب أو بالتوازي مع الرسائل العسكرية مثل
استخدام المسيّرات في شمال سوريا واستهداف النقاط العسكرية التركية،
كما حصل قبل أيام".
موازنة بين موسكو وطهران
أما الكاتب والمحلل السياسي حسن النيفي، فيقول:
"منذ أن أبدت أنقرة استعدادها لإعادة العلاقات مع نظام الأسد في العام ٢٠٢٢،
واجه الأخير تلك الاستعدادات التركية بمزيد من الفتور الذي يرقى إلى مرحلة
الاشتراطات والرفض، ومع استمرار الرغبة التركية بموازاة مع الضغوطات الروسية عليه
لدفعه نحو مزيد من التجاوب مع الرغبة التركية التي تظهر إيران ودورها الرافض لابتعادها
عن المشهد، وقد عبرت عن رفضها من خلال الإيحاءات المتكررة للأسد برفض أي لقاء مع
أردوغان دون أن يكون مشروطا بانسحاب تركي".
ويضيف لـ"
عربي21" : "في واقع الحال يحاول
الأسد اتخاذ موقف متوازن حيال حليفيه الروسي والإيراني دون إشعار أحدهما بالانحياز
للآخر، ولذلك فإن المرونة التي أبداها بشار الأسد مؤخرا حيال لقائه بأردوغان، أراد
أن تكون موازية لموقف متشدد يرضي إيران، فكان أن أدرج اسم أردوغان ضمن القائمة
التي أصدرها حول ممولي الإرهاب".
ويعتقد النيفي أن الخطوة لا تعكس حقيقة موقف النظام
الفعلي بقدر ما تعكس اللعب على التوازنات.
تصعيد قبل اللقاء المرتقب
من جهته، يرى الباحث في مركز "الحوار
السوري" أحمد القربي، أن النظام السوري اعتاد التصعيد قبل أي استحقاق تفاوضي.
ويقول لـ"
عربي21"، إن النظام يدرك أن
توقيت الجلوس مع الأتراك قد اقترب، وبالتالي فهو يرفع السقف من خلال الشروط، وأيضاً
من خلال الخطوة الأخيرة المتمثلة بوضع أردوغان على لائحة "الإرهاب".
وبحسب القربي، فإن الخطوة لا تعدو كونها رسالة سياسية بدون
أي مفاعيل حقيقية، مستدركاً بقوله: "لا يعني ذلك، أن النظام يرفض التفاوض مع
الأتراك، وإنما هي خطوة تفاوضية، أي من غير المستبعد إزالة اسم أردوغان من اللائحة
بمجرد الجلوس على طاولة التفاوض، كبادرة حسن نية".
يذكر أن مصادر إخبارية تركية قد تحدثت مؤخراً عن قرب
موعد لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئيس النظام السوري بشار الأسد، وذلك في
لقاء من شأنه أن ينهي قطيعة استمرت لأكثر من عقد، على خلفية اندلاع الثورة، ودعم
تركيا المعارضة السورية.