كتب دان ميرفي في مقال نشرته صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور عن سجن "ثلاثة من القيادات الشبابية التي لعبت دورا رئيسيا في إسقاط حسني مبارك من سدة الحكم عام 2011 وتهمتهم التظاهر".
ويقول ميرفي: في كانون ثاني/يناير 2011 خرج
المصريون بالآلاف لشوارع القاهرة وغيرها من المدن الرئيسية وحصلت على ما ظهر آنذاك أنه انتصار مبهر؛ حيث أضطرت الديكتاتور الذي حكم البلاد على مدى 30 عاما بسيطرته القوية على السياسة والإعلام والمجتمع المدني إلى الرضوخ للأعداد الهائلة التي خرجت رغم خطر التعذيب والقتل لتقول كفى.
سقوط مبارك فتح آفاقا واسعة لتخيل مصر، كبرى الدول العربية والتي كانت في الماضي قائدة ثقافية وسياسية على مستوى المنطقة، لتصبح مسقط رأس للديمقراطية ومشاركة المواطن في القضاء على الفساد على مستوى المنطقة.
ويضيف الكاتب أن هذا الحلم بدأ بالموت منذ فترة؛ وآخر الأخبار السيئة كان خبر الحكم بالسجن ثلاث سنوات على ثلاثة ناشطين بحسب قانون تم تمريره بعد الإنقلاب العسكري في تموز/ يوليو على الرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا.
الحكم بالسجن على أحمد ماهر ومحمد عادل، مؤسسي حركة السادس من ابريل، بالإضافة إلى أحمد دومة كان إشارة أن الحكومة العسكرية وسعت رقعة قمعها للمعارضة لتتجاوز الإخوان المسلمين الذين أوصلوا مرسي إلى سدة الحكم.
ثم يقول ميرفي: إن
انقلاب تموز/يوليو جاء بعد مظاهرات ضخمة ضد مرسي تضاهي في صخامتها تلك التي أسقطت مبارك، وهي تعكس حالة من عدم الإرتياح لدى عدد كبير من المصريين من محاولات الإخوان تحكيم الشريعة الإسلامية في جوانب الحياة المصرية السياسية والإجتماعية.
وقد سجن مرسي والعديد من الإخوان المسلمين منذ ذلك الحين، ولكن سؤال "هل تتوقف آلة
القمع عند الإخوان؟" قد تمت إجابته الآن بكل وضوح.
الثلاثة الذين تم سجنهم مؤخرا كلهم ناشطون ذوي ميول علمانية ولهم جذور في حركة كفاية التي نشأت لمعارضة توريث مبارك الرئاسة لإبنه، ومع أن الحركة لم تنجح تماما إلا أنها عبدت الطريق للمظاهرات الناجحة عام 2011.
بدأ ماهر نشاطه السياسي ضد مبارك، وأنشئت حركة 6 أبريل الشبابية عبر الفيس بوك لدعم عمال النسيج المضربين في المحلة في دلتا النيل عام 2008، وبقي عنوان النشاط العلماني منذ منتصف العقد الماضي هو محاربة قمع الشرطة والحكومة والدعوة لمحاكمة المسؤولين الأمنيين الذي يرتكبون التجاوزات. وقاد مقتل خالد سعيد التاجر والمدون في الإسكندرية عام 2010 إلى حملات إلكترونية واسعة على الإنترنت ساعدت على الإطاحة بمبارك.
والآن يبدو أن حكومة مصر العسكرية المؤقتة لن تسمح باحتجاجات مباشرة. قالت سارة لي ويتسون مديرة هيومن رايتس واتش للشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "ملاحقة وزارة الداخلية لهؤلاء الناشطين الأربعة تهدف لضرب الأصوات التي ظلت تنادي منذ كانون ثاني/ يناير 2011 بالعدالة وإصلاح الجهاز الأمني". وأضافت في تصريح لها قبل المحاكمة: "ليس من المفاجئ أنه وبعد قطع إضطهاد الإخوان شوطا كبيرا، أن تبدأ وزارة الداخلية باستهداف حركات الاحتجاج العلمانية".
فماهر الذي شارك في المظاهرات ضد مرسي وكان سعيدا بالانقلاب العسكري الذي أطاح به؛ سرعان ما أصيب بخيبة الأمل حيث وجد أن الجيش والأمن اللذين عارضهما أيام مبارك يعودان بقوة، ولذلك فقد كتب مقالا في الواشنطن بوست في آب/ أغسطس يقول انه كان موافقا على حكومة مؤقتة يدعمها الجيش بشرط ألا يتدخل الجيش بالسياسة.
قال في مقالته: "تأييدنا لخارطة طريق تؤدي إلى انتخابات جديدة كانت مبنية على وعد من الجيش بأنه لن يتدخل في الحياة السياسية، ولكن اتساع رقعة الدور الذي يلعبه الجيش في العملية السياسية أمر مقلق". كما أبدى في المقالة ذاتها رفضه لنشر الحكومة سيطرتها على الإعلام بحجة الحرب على الإرهاب، ورأى في استخدام تهمة الإرهاب مجرد وسيلة لقمع كل المعارضين وفرض كل أشكال التضييق بهذه الحجة.