كتب مراسل صحيفة "لوس أنجليس تايمز" الأمريكية في بيروت باتريك ماكدونلد عن حالة
مخيم اليرموك والاتفاق الهش الذي تم بين جيش النظام السوري ومقاتلي المعارضة الذي سمح بدخول كميات بسيطة من الغذاء والأدوية لسكان المخيم.
يقول "خرجوا من زقاق مظلم يسمى شارع راما بعضهم محمولا على حمالات وبعضهم في كراسي عجزة وبعضهم يجر حقائب ثقيلة يبحثون عن أحبتهم الذين ينتظرونهم".
قالت ربى ابنة الواحد والعشرين ربيعا: "أنا سعيدة بأني أستطيع أن أطعم أولادي"، بينما كان يحمل جسمها الهزيل رضيعا وإبنة عمرها ثلاث سنوات وسارت بخطى ملؤها الفرح نحو الحرية يوم الثلاثاء.
ويضيف قائلا "هذه المرأة السورية وغيرها استطاعت الفرار أخيرا من مخيم اليرموك المدمر جراء الحرب حيث يبقى حوالى 18000 نسمة محاصرين بلا طعام ولا ماء ولا كهرباء في مخيم كان يحوي 200000 نسمة".
ويتحدث التقرير عن تاريخ المخيم الذي يقع في جنوب العاصمة السورية دمشق حيث كان من أكبر وأشهر تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في
سوريا ولكنه تطور في العقود القريبة ليتجاوز تسمية المخيم ويصبح حيا سكنيا يضم عائلات فلسطينية وسورية عاملة.
وعن أثر الحرب يقول التقرير إن الحرب الأهلية السورية على مدى الثلاث السنوات الماضية تركت آثارها على المخيم "وخربت بناياته التي يتألف معظمها من أربع الى خمس طوابق كما خربت مناطق أخرى في أنحاء البلاد، ومنذ حزيران/ يونيو لم يستطع سكان المخيم مغادرته وبحسب الناشطين فهم يواجهون الموت جوعا فالجيش الحكومي منع دخول المساعدات بحجة أنها قد تذهب للمقاتلين والمقاتلين يمنعون الناس من المغادرة".
ويشير إلى ما وصفها بـ"الاتفاقية الهشة" بين القوات الحكومية والمقاتلين حيث بدأ بعض السكان بمغادرة المخيم وبدأ بعض الغذاء والدواء بالدخول. الذين يغادرون هم في المعظم النساء والأطفال وكبار السن والمرضى. و"لكنّ آلافا لا يزالون محصورون هناك بدون إمدادات كافية. والمساعدات التي أدخلت لا تكاد تكفي بحسب الأمم المتحدة وهيئات الإغاثة ولكن في المأساة الإنسانية التي تعيشها سوريا اليوم، يعتبر ما حصل في اليرموك تقدما ملموسا حيث يمكن تكراره لمساعدة 250 ألف مدني آخرين محاصرين في مناطق مختلفة في أنحاء البلاد".
وقالت رزان جراده من الهلال الأحمر السوري والتي ساعدت في تنسيق عملية الإخلاء: "إنها خطوة صغيرة ونأمل أن تتطور لنساعد أعدادا أكبر من الناس .. نحن بدأنا على مستوى محدود جدا هنا".
ولا يزال مخيم اليرموك محاطا بالجيش الحكومي ومن ميليشيات فلسطينية موالية للنظام وداخله يسيطر عليه مقاتلي المعارضة وكثير منهم فلسطينيين، بحسب كاتب المقالة.
وتتهم الحكومة المقاتلين باتخاذهم المدنيين دروعا بشرية لمنع أي عمل عسكري شامل، والمعارضة وحلفاؤها بما فيهم أمريكا يتهمون النظام باستخدام أسلوب "سلم أو مت جوعا"، حيث يمنعون دخول المساعدات ويطلقون النار على كل من حاول الخروج.
وهذه المقابلات تبين أن هناك بعد الصحة في كل من الإدعاءين.
إحدى النساء اللاتي خرجن من اليرموك قالت إن الثوار يعتبرون أي شخص يرغب في المغادرة بأنه عميل للنظام، ولم ترد الكشف عن هويتها مثل بقية من تمت مقابلتهم خوفا على سلامتهم. ولكنها أضافت أنه عندما استطاعوا الوصول إلى أحد الحواجز العسكرية التابعة للنظام قبل شهر تم اعتقال الرجال بمن فيهم زوجها وتم اعادة الباقي للمخيم.
والمكان الوحيد الذي يسمح للمساعدات الدخول منه ويسمح للمغادرين العبور من خلاله هو حاجز في شمال شرقي اليرموك هو حاجز البطيخة، والذي يديره جيش النظام والميليشيات الفلسطينية المواليه له، وقوات المعارضة تقع على بعد حوالي 360 متر داخل مخيم اليرموك. وعندما يسمح لشاحنات الأمم المتحدة تدخل شارع راما ببطئ ويتم توزيع المساعدات باليد داخل المخيم.
الذين يرغبون في مغادرة المخيم يسلمون أسماءهم للمسؤولين الفلسطينيين مقدما ومعظم من ينوون المغادرة هم من النساء والأطفال وكبار السن أما الشباب فهم عرضة للاعتقال والتحقيق وإن كان هناك شباب يطلبون المغادرة فسيكونون قلة.
وتمتلأ المنطقة المحيطة بالحاجز كل صباح بالأقارب الذين ينتظرون خروج أقاربهم من المخيم. وكثير من العائلات تشتت في حزيران/ يونيو عندما حوصر المخيم.
قالت إحدى النساء المنتظرات على الحاجز: "لم ير حفيدي أمه أو أخوه أو أخته لأكثر من ستة شهور"، وكانت تمسك بيد حفيدها ذو الستة أعوام وفي عيونه الدمع حيث كان في زيارة جدته عندما اغلقت مداخل المخيم.
أما منى عبد الرحمن البالغة من العمر 50 عاما وتعاني من مرض القلب قالت إن ابنها عاد للمخيم بعد مغادرته لإحضار جهاز التنفس لها لأنهم تركوه عند مغادرة المخيم لما وقع القتال هناك ولم يستطيع الخروج وأضافت أن اثنين من احفادها لا يزالان داخل المخيم والمكالمات القصيرة على الجوال لم تترك شكا حول مدى صعوبة الظروف.