كتب روبرت
فيسك المعلق والصحافي في صحيفة "إندبندنت" عن أزمة الرهائن
اللبنانيين لدى تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش"، والمعايير المزدوجة في التفاوض من أجل إطلاق سراح الرهائن. ويقول فيسك عندما تتفاوض إسرائيل مع حزب الله لا أحد ينتقدها، أما لو تفاوض آخرون فسيكونون عرضة للانتقاد.
ويبدأ مقالته بالقول: "عرض للتفاوض مع (داعش)، طبعا ليس ديفيد كاميرون ولا أوباما، أنا أتحدث هنا عن وليد جنبلاط، الزعيم الدرزي اللبناني، حيث طالب الحكومة اللبنانية بتسليم سجناء إسلاميين مقابل إطلاق سراح 21 جنديا لبنانيا محتجزين لدى (داعش) وجبهة النصرة".
ويذكر فيسك قارئه بالقول: "حتى لا تنسى أو إن فاتتك القصة؛ لأن هؤلاء لبنانيون وليسوا غربيين، علينا الإضافة أن أحدهم قتل بالرصاص، وذبح اثنان منهم، أمام كاميرا الفيديو بالطبع حتى تشاهد عائلاتهم عملية الذبح وهي في بيوتها".
ويضيف: "دعونا نكون واضحين حول هذا، فقد تعرض الجيش اللبناني، الذي يعتبر من أهم المؤسسات في البلاد، لكمين نهاية آب/ أغسطس قرب البلدة السنية عرسال عند الحدود اللبنانية-السورية. وجزء من عرسال بلدة وآخر مخيم للاجئين ومعقل لـ (داعش)، العدو الأبدي -كما يحلو لنا الصحافيين القول- لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وهذا هو سبب عدم تعرض جنبلاط لشجب كل من كاميرون وأوباما. وبعد كل هذا فكاميرون وأوباما يقومان بقصف (داعش) ولكنهما يريدان الإطاحة بنظام الأسد أليس كذلك؟ هنا تكمن المشكلة".
ويتابع فيسك "الآن، جنبلاط رجل كريم، وكيف لا يكون، وعائلات الـ 21 جنديا وشرطيا، ما يزالون مفقودين، فاقترح على الدولة اللبنانية تبادل الأسرى مع التنظيم، حيث إن الجنود اللبنانيين في قبضة التنظيم، وتمارس عائلاتهم ضغوطا على الدولة اللبنانية من إجل العمل على إطلاق سراحهم ومبادلة أبنائهم وأزواجهم وإخوانهم بالمعتقلين الإسلاميين، وقال المتحدث باسم جنبلاط إن الحكومة لا يمكنها (التفاوض تحت حد السكين)، ويعني أن هذا ممكن".
ويعلق فيسك قائلا "أشعر بالدهشة، كم هم اللبنانيون مختلفون عنا نحن البريطانيون. ففي هذا الصباح أعلنت عائلات الجنود والشرطة المختطفين أنها ستنصب خيمة أمام وزارات الحكومة. ويوم أمس (السبت) قاموا بإغلاق الطرقات في كل أنحاء لبنان. وزعمت إحدى الصحف اللبنانية أن الحكومة تقوم بقتل جنودها برفضها التفاوض".
وتطالب جبهة النصرة و"داعش" بإطلاق سراح عدد من السجناء المعتقلين في سجن رومية في شمال بيروت، بسبب مقاومتهم الجيش اللبناني في أحداث نهر البارد عام 2007، ويطالب "داعش" بإطلاق سراحهم. وهذا أمر مثير لأنهم ينتمون إلى جماعة اسمها "فتح الإسلام" والتي يزعم أنها دخلت لبنان بإذن من النظام السوري، بحسب الصحيفة.
ويتساءل فيسك هل فتح الإسلام هي "داعش"؟ وهل كان "داعش" موجودا قبل 2007.
ويذكر الكاتب بالقول إن اللبنانيين هم بشر مثلنا، وينقل من رسالة كتبها الجندي سليمان ديراني، والتي دعا فيها أقاربه للتظاهر في الشوارع، "أطالب الجيش اللبناني والدولة اللبنانية أن يكون عندها ضمير، وتعطف على أبائنا وأمهاتنا وتعتبرنا أبناءها. وأطالبها بالنظر للأمهات والآباء الذين ينامون في الشوارع، ولا أحد يشعر بهم أو يظهر الاهتمام بالموضوع".
ويعتقد فيسك أن هؤلاء الجنود قد يعيشون، فالحكومة اللبنانية لديها رجل صعب يتعامل مع المدنيين المختطفين، واسمه عباس إبراهيم وهو رجل شجاع، كان يسير عادة بلا سلاح في مخيم عين الحلوة الفلسطيني قرب صيدا، للتحدث مع رجال أسامة بن لادن، وهو يقود الآن "المخابرات العامة"، ونعم هو جنرال. وقام بتنظيم عملية الإفراج عن الراهبات لدى النصرة في يبرود. وهناك الكثيرين ممن يدينون بحياتهم له.
ويبين: "لا أتحدث عن شجاعته، ولكن عن استعداد الحكومة اللبنانية للحديث مع الرجال الأشرار، وهو ما لا نفعله نحن، لمَ لا؟".
ويخلص الكاتب إلى أن الحكومات التي تحترم نفسها تتبادل الأسرى "خذ مثلا إسرائيل، فقد سلمت مقاتلين من حزب الله مقابل عدد من الجنود الإسرائيليين. وفعلت هذا أكثر من مرة، ولم ينتقد أحد الحكومة الإسرائيلية. وفي كل أنحاء الشرق الأوسط يتم تبادل رهائن مقابل رهائن. ويعود الإفراج عن لوردات وسنيورات وجنود لزمن الصليبيين".
لكن هناك مشكلة أخرى في لبنان، يقول فيسك "فثلث السكان هم من السوريين، ويشعر الجيش بالقلق العميق أن (داعش) مندس بينهم وليس في عرسال فقط، وفي جنوب لبنان أيضا. ويدخل اللاجئون السوريون لبنان من منطقة شبعا القريبة من الحدود الإسرائيلية".