علقت صحيفة "إندبندنت" البريطانية على موقف الحكومة الأميركية من المطالب التركية بإنشاء
منطقة عازلة. وقالت إن وعد الرئيس باراك أوباما بعمل عسكري محدود في العراق وسوريا يجعل من الصعوبة بمكان الموافقة على المطالب التركية.
وتشير الصحيفة إلى أن أنقرة والدول المتحالفة مع واشنطن تطالب بإنشاء حزام عازل على طول الحدود السورية مع
تركيا، وتحديد منطقة حظر جوي وتدريب المعارضة السورية.
وترى الصحيفة أن موافقة أميركا على هذا تعني موافقة الإدارة على واحد من أمرين حاولت تجنبهما: الأول التعاون مع رئيس النظام السوري بشار
الأسد، والثاني تدمير الدفاعات الجوية السورية، وهو ما يعني إعلان حرب شاملة.
وتعارض الولايات المتحدة أيا من الخيارين، وعوضا عن ذلك تطلب من أنقرة المشاركة، ومنع سقوط بلدة كوباني بيد تنظيم الدولة المعروف بـ "داعش".
وتقول الصحيفة إن "منطقة آمنة" تقتضي حماية من الأرض ودوريات من الجو، مما يعني خلق منطقة حظر جوي.
وتضيف الـ "إندبندنت" أن الحزام الأمني يخدم تركيا ومصالحها القومية من ناحية منع تدفق اللاجئين السوريين إلى أراضيها، وقد يمنح هذا الحزام المعارضة السورية منطقة للانطلاق وشن هجمات عسكرية ضد النظام السوري، وهو هدف تدعمه الحكومة التركية وتطالب به.
ويبين التقرير أن هناك من يدعم ويتعاطف مع المطالب التركية من النواب الناقدين لإدارة أوباما، خاصة جون ماكين، النائب عن أريزونا، الذي يطالب الإدارة بإرسال قوات برية. لكن أوباما يرغب بالتركيز على قتال ومواجهة "داعش"، الذي سيطر على مناطق واسعة في كل من العراق وسوريا.
ويذكر التقرير أن فرنسا دعمت الحزام الأمني الأسبوع الماضي. ويرى مسؤول اللجنة الخارجية للنواب الجمهوريين في الكونغرس أن الدول العربية قادرة على تحمل العبء، حتى جون كيري، وزير الخارجية يعتقد أن فكرة الحزام الأمني تستحق البحث.
وتلفت الصحيفة إلى أنه وبالمقابل أظهر وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل اهتماما قليلا بالفكرة، وكذلك رئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي، الذي يرى أن إنشاء حزام كهذا مكلف، ويحتاج لمئات المقاتلات الأميركية كي تقوم بمراقبته، ويحتاج مليار دولار في الشهر، ودون ضمانات تأثير الحزام على مستوى المعركة في
سوريا، أو ترجيح كفتها لصالح المعارضة المعتدلة، مما يعني التزاما أميركيا مفتوحا.
وتعلمت وزارة الدفاع الأميركية من دروس حرب العراق الأولى عام 1991، عندما أنشات منطقتي حظر جوي في شمال العراق لحماية الأكراد، وفي جنوب العراق لحماية الشيعة، حيث استمرت الولايات المتحدة بمراقبتها لمدة 12 عاما، بحسب التقرير.
وتجد الصحيفة أن بناء منطقة آمنة في سوريا قد يفتح الباب على مصراعيه أمام قوة جوية كبيرة في الشرق الأوسط، الذي عززته الخبرات الروسية في السنوات الأخيرة.
وتوضح الصحيفة أن السوريين يملكون نظاما متعددا من صواريخ أرض – جو، وآلافا من الصواريخ المضادة للطائرات. وكانت موسكو قد قررت تزويد سوريا بصواريخ متقدمة مضادة للطائرات من نوع أس- 300، والتي تعتبر من الأنظمة الصاروخية الحديثة القادرة على اعتراض الطائرات، وهو قرار أغضب الولايات المتحدة.
ويعتقد التقرير أن التحديات السياسية قد تكون أصعب من العسكرية، فالتهديدات التي ستتعرض لها الولايات المتحدة يعني تعيين فريق إنقاذ يكون جاهزا على أهبة الاستعداد، سواء في تركيا أو في العراق. وفي حالة سقوط طائرة عسكرية فستضطر الولايات لإرسال قوات برية، وهو ما لا تريده إدارة أوباما. كما ان تدخلا عسكريا مباشرا في سوريا قد يوسع الزعم الأميركي وهو أن التدخل الأميركي الحالي في سوريا قانوني، حسب القانون الدولي الأميركي.
ويخلص التقرير إلى أنه قد تحاول الإدارة الأميركية التعاون مع نظام الأسد، لكن هذا الخيار مستبعد في استراتيجية أوباما، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ارتكبتها قواته. وتشير المنظمات الحقوقية الغربية إلى مذابح ضد المدنيين وهجمات بالسلاح الكيماوي عليهم قام بها النظام في دمشق.