تواصل عائلة النائب السابق حسن يعقوب، المعتقل من قبل السلطات
اللبنانية، تحركاتها لاسترضاء
حزب الله وحركة أمل الشيعيتين، والضغط عليهما لممارسة نفوذهما على القضاء اللبناني وللإفراج عنه.
وكان يعقوب قد اعتقل من قبل جهاز فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد الكشف عن تورطه في خطف هنيبعل
القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، عبر عصابة في
سوريا ومن ثم جلبه إلى لبنان، حيث قام بتعذيبه مع مرافقيه وإهانته في محاولة منه للحصول على معلومات في قضية رئيس المجلس الشيعي الأعلى
موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا منذ آب/ أغسطس 1978.
وبعدما حررت القوى الِأمنية اللبنانية نجل القذافي في منطقة البقاع، احجتزته هو الآخر بتهمة كتمان معلومات في قضية الصدر.
ويعد يعقوب شخصية مقربة لحزب الله، لكونه نجل الشيخ محمد يعقوب، رفيق الصدر في رحلته إلى ليبيا. وما زال اختفاء الصدر لغزا فشل الحزب في فكه، رغم محاولاته للتوصل إلى خيوط في القضية بعد الثورة الليبية التي أطاحت بنظام القذافي، المتهم من رموز الطائفة الشيعية في لبنان بتدبير إخفاء الصدر.
ومع استمرار سجن يعقوب، تتسع دائرة الامتعاض والاعتراضات في الشاع الشيعي على قيادتي حزب الله وحركة أمل لتخليهما عن يعقوب الذي يسعى لكشف حقيقة اختفاء والده مع الصدر.
وفي السياق نفسه، وجهت عائلة يعقوب كتابا إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، مطالبة إياهما "بالعمل الجدي على إطلاق سراح ابن الشيخ محمد يعقوب، والذي ما زال رهن التوقيف السياسي التعسفي"، بحسب وصف العائلة.
ورأت العائلة أن"نصرالله وبري يعلمان أن القضية هذه تنطوي على مجموعة من الالتباسات التي نأمل النظر فيها بأبعادها كافة وخصوصا أبعادها الأخلاقية والإنسانية".
وتساءلت: "كيف تتم الموافقة على إخلاء سبيل شقيقه المهندس حسين يعقوب الذي كان في المكان والزمان نفسه مع شقيقه، ويبقى الأخير معتقلا؟".
وفي زحمة الضغوط الطائفية على الزعامة الشيعية، يبرز التساؤل عن سبب عدم تلبية حزب الله وحركة أمل لطلب الشارع الشيعي في العمل على الإفراج عن يعقوب عبر تأمين الغطاء السياسي له.
وتشير مصادر متطابقة إلى أن النظام السوري غاضب بسبب ما يعتبره إهانة له لاختطاف هنيبعل، الذي حظي باللجوء في سوريا، ويتمتع بمزايا كبيرة بسبب تأييد النظام السوري للقذافي خلال الثورة الأخيرة، وتعاطفه مع عائلته بعد سقوط نظامه، وهي المسوغات التي دفعت نصر الله وبري إلى رفع الغطاء عن يعقوب، حتى لا يتسبب التعاطف معه أو دعمه بخلاف بين الحليفين الشيعي في لبنان والعلوي في سوريا.
يشار إلى أن وزارة العدل اللبنانية رفضت طلب التسليم الصادر عن النيابة العامة السورية والموجه للنائب العام التمييزي في لبنان، والمتضمن طلب تسليم هنيبعل القذافي باعتباره لاجئا سياسيا ومقيما بصورة شرعية داخل الأراضي السورية.
في غضون ذلك، أكدت قناة الـMTV المحلية اللبنانية أن ضغوطا تمارس من قبل النظام السوري من جهة ومن قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في ملف النائب السابق يعقوب لمنع الإفراج عن يعقوب.
وتشير مصادر لـ"
عربي21"، نقلا عن قيادات رفيعة من حزب الله، أن ثمة أسبابا ودوافع أخرى في قضية يعقوب، فإقدامه على خطوة فردية من دون الرجوع إلى قيادة الحزب أثارت حفيظة أمينه العام تحديدا، خصوصا أن الحزب شعر بالإحراج لانتفاء التبريرات لقضية اختطاف موصوفة وموثقة لشخصية عامة تمتلك حق اللجوء في الأراضي السورية التي يقاتل فيها الحزب، بغض النظر عن نظرته إلى القذافي وعائلته لجهة تورطهم في قضية موسى الصدر.
وكان هنيبعل، الموقوف حاليا بتهمة إخفاء معلومات عن اختفاء الصدر، قد عرض أمام المحقق العدلي في قضية اختفاء الإمام الشيعي، القيام بوساطة مع شخصيات ليبية لكشف مصير الصدر ورفيقيْه.
هل تدخل التسوية والحسابات في قضية يعقوب؟
من جهته، قال النائب عن الجماعة الإسلامية في لبنان، عماد الحوت، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، إن "الغطاء تم رفعه عن النائب السابق حسن يعقوب، وبالتالي لم يعد تنفعه الحماية التي كان يتمتع بها من قبل فريق في قوى الثامن من آذار".
واعتبر الحوت أن "يعقوب أخطأ بالاجتهاد عندما مضى بخطوة خطف نجل القذافي، ما أحرج فريق قوى 8 آذار".
وحول التشكيكات بنزاهة القضاء اللبناني، قال: "القضاء اللبناني يضم حاليا الكثير من القضاة الممتازين، لكن هناك بعض القضاة ما زالوا وديعة الوصاية السورية، والتي لحزب الله دور فيها، وهو ما ظهر جليا في أكثر من مناسبة لا سيما في المحاكم العسكرية، حيث صدرت قرارات غير عادلة ومنصفة".
وحول إمكانية تسوية قضية يعقوب، قال الحوت: "ما قام به حسن يعقوب مخالف للقانون، وقد ارتكب عمليتي خطف واحتجاز بغض النظر عن الشخص المختطف، وفي الوقت نفسه هناك قضاة يعملون على تعمية العديد من الارتكابات على الرغم من وجود الأدلة الكافية لإدانتهم"، وفق قوله.
ولفت إلى أن "المواطن أصبح أمام معيارين في العدالة اللبنانية، فإذا ارتكب أحد الأشخاص مخالفة عوقب بحكم يتناقض مع حكم آخر، وبمخالفة أفظع لمواطن صدر الحكم بحقه مخففا لأسباب تتعلق بازدواجية معايير بعض القضاة".
وحذر الحوت من أن المناخ السائد سيئ لما يعتبره كثير من اللبنانيين "خروجا عن منطق الدولة وهيبتها، بسبب القضاة المصنفين في وديعة النظام السوري، والذي يهددون نزاهة القضاء وحياديته، كما يعكسون صورة سيئة للدولة اللبنانية وقضائها أمام المواطنين ممن يشعرون بأن حقوقهم مهددة في حال استمرار هذه المشهدية"، كما قال.