باتت سلسلة المواقف
المصرية الأخيرة المتتابعة فيما يتعلق بالملف السوري تزعج
السعودية وتشكل عرقلة لتوجهاتها وتحالفاتها على صعيد هذا الملف وربما يدفعها لاتخاذ خطوات قاسية تجاه القاهرة بحسب مراقبين.
وكانت آخر الانتقادات العلنية السعودية تجاه مصر برزت عقب تصويت المندوب المصري في الأمم المتحدة عمرو أبو العطا على مشروعي القرارين الروسي والفرنسي في مجلس الأمن رغم توجه السعودية بتأييد المشروع الفرنسي لحظر الطيران فوق حلب.
وجاءت أمس تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدعوة مصر مع العراق وإيران إلى مباحثات لوزان لمناقشة الأزمة السورية عاملا إضافيا يعزز انسجام القاهرة مع المعسكر الآخر المناقض للسعودية في الملف السوري.
الكاتب الصحفي السعودية جمال خاشقجي قال إن مصر بالفعل أصبحت في المعسكر الآخر المناقض لتوجهات السعودية في الشأن السوري.
وأوضح خاشقجي لـ
"عربي21" أن مصر تبتعد عن معسكر السعودية شيئا فشيئا وغيابها أول أمس عن اجتماع الرياض الخليجي التركي لمناقشة الملف السوري والعراقي يؤكد هذا الابتعاد.
وأشار إلى أن وقت المراجعة والمكاشفة مع مصر قد حان متسائلا: "أين مصر من كل هذه الجهود المبذولة من قبل السعودية وحلفائها لحل الأزمة في
سوريا دون أن تقدم شيئا؟".
وأضاف: "مصر لم تقدم أي دعم للثورة السورية بل إن المعارضة التي تستضيفها هي معارضة موسكو".
وقال إن الأتراك جاؤوا ليناقشوا مع السعوديين وبقية دول الخليج الشأن العربي ولم تأت تركيا من باب المناكفة ومع ذلك تتغيب مصر رغم أن النقاش يهمهم.
ورأى خاشقجي أن بلاده ستبتلع الموقف المصري كما ابتلعت سابقاته وأن الخيارات أمام السعودية للتعامل مع السلوك المصري قليلة لأن الحالة المصرية ورطة والخروج منها والتعامل معها غاية في الصعوبة.
وأوضح أن الملف السوري يحتمل 3 خيارات، إما أن ينتقل المصريون إلى معسكر السعودية في التعامل مع هذا الملف وإما أن ننتقل نحن إلى معسكرهم وهذا مستحيل بالنسبة للسعودية، وإما أن يحيد هذا الملف حاليا للحفاظ على العلاقة بين البلدين.
لكن خاشقجي قال: "إن تحييد الملف لا يعني انتهاء المشكلة"، مشيرا إلى أنه "سينفجر مرة أخرى ونعود لخانة الخلاف مجددا لأن الأمر لا يحتمل ولا يمكن أن يعذر المصريون والمنطقة تتعرض للاختراق الإيراني في العراق واليمن وسوريا ويهدد الإقليم كله وهم يتفرجون".
وعزا خاشقجي سبب التناقض في المواقف إلى خلاف بنيوي في طبيعة التفكير السياسي بين الرياض والقاهرة.
وما يعزز وصول الخلاف بين الرياض والقاهرة إلى مستويات متقدمة بسبب مواقف الأخيرة في الملف السوري الهجوم الذي يشنه الإعلام الموالي للانقلاب في مصر على السعودية.
وثارت ثائرة الإعلاميين المؤيدين للانقلاب بعد وقف السعودية الإمدادات النفطية عن مصر وسط أنباء مغادرة سفير الرياض أحمد قطان للقاهرة بعد التصويت مع القرار الروسي في الأمم المتحدة والذي اعتبرته الرياض إفشالا لجهودها في الملف السوري.
ولم تقف حالة
التوتر في العلاقات بين الطرفين على مستوى الهجوم الإعلامي بل قامت السلطات المصرية بإزالة حواجز التأمين الإسمنتية حول السفارة السعودية بحجة حفر نفق.
وكانت السعودية قطعت الإمدادات النفطية عن مصر رغم تأكيد بعض المصادر أن القضية ليست أكثر من تأخر في الإمدادات بسبب اتفاق منظمة أوبك الأخير.