هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حمل إعلان الولايات المتحدة، فرض عقوبات على وزير دفاع النظام السوري، العماد علي أيوب، على خلفية مسؤوليته عن ارتكاب أعمال عنف في سوريا، رسائل عديدة، من حيث الدلالات والتوقيت المتزامن مع مرور الذكرى التاسعة للثورة السورية، الذي يصادف هذه الأيام.
وفي التفاصيل، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية الثلاثاء، أيوب، على قائمة العقوبات الاقتصادية، لينضم بذلك إلى قائمة العشرات من مسؤولي النظام السوري، المشمولين بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية.
العماد علي عبد الله أيوب
وتولى أيوب منصب وزير الدفاع، في مطلع العام 2018، بعد أن كان يشغل منصب رئيس هيئة الأركان في جيش النظام السوري، منذ صيف العام 2012.
وبحسب مصادر متطابقة، فإن أيوب (68 عاما) المنحدر من الطائفة "العلوية" من قرية البهلولية بريف اللاذقية، تدرج في المناصب العسكرية، بعد تخرجه ضابطا من الكلية الحربية في العام 1973.
وذكر موقع "مع العدالة"، أن أيوب خدم في صفوف "الفرقة الأولى" بلبنان عام 1982، ثم التحق بصفوف الحرس الجمهوري حتى وصل إلى قيادة "اللواء 103"، وتولى بعد ذلك قيادة الفيلق الأول في جيش النظام.
اقرأ أيضا: أمريكا تقر عقوبات ضد إيران ونظام الأسد.. وتدعم تركيا
وبعد حادثة تفجير مبنى الأمن القومي السوري (خلية الأزمة) بدمشق، في تموز/يوليو 2012، التفجير الذي قُتل على إثره عدد من كبار جنرالات النظام السوري، من بينهم وزير الدفاع السابق داود راجحة ونائبه آصف شوكت ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني، تم تعيين أيوب رئيسا لهيئة الأركان، خلفا للعماد فهد جاسم الفريج، الذي تم تعيينه وزيرا للدفاع، بعد مقتل راجحة التفجير.
سجل حافل بالجرائم
ويُتهم أيوب من قبل أوساط المعارضة السورية، بالمسؤولية المباشرة عن عدد كبير من الجرائم التي ارتكبها النظام السوري، منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011.
وحسب موقع "مع العدالة" فإن أيوب يعد مسؤولا مباشرا عن الجرائم التي ارتكبت بحق السوريين، وخاصة منها الانتهاكات التي ارتكبتها الفرق الخامسة والسابعة والتاسعة والخامسة عشرة قوات خاصة، والتي تشكل بمجموعها الفيلق الأول، الذي كان يقوده اللواء علي عبدالله أيوب قبل ترفيعه، وذلك خلال الفترة الممتدة من آذار/ مارس، وحتى أيلول/ سبتمبر 2011..
وتابع الموقع، أنه منذ تولي أيوب منصب رئيس لهيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة في تموز/يوليو 2012 وحتى بداية 2018، أصبح مسؤولا مباشرا عن كافة الجرائم التي تم ارتكبها جيش النظام، وخاصة الجرائم التي وقعت في كل من: الغوطة الشرقية والغربية، وحمص، وحلب، وإدلب، وحماه، ودرعا، واللاذقية، ودير الزور، وغيرها من المدن والبلدات والقرى في سائر أنحاء سوريا.
من جانبه، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد زياد حج عبيد، في حديثه لـ"عربي21"، أن أي تحرك لجيش النظام يحتاج إلى موافقة رئيس الأركان، ما يعني أن أيوب هو المسؤول الأول عن كل الجرائم التي ارتكبها جيش النظام بحق الشعب السوري، على مدار أكثر من ست سنوات.
أمريكا تختار التوقيت
وحسب حج عبيد، فإن الولايات المتحدة لم تعلن توقيت عن إدراج أيوب في لائحة العقوبات، بالتزامن مع حلول الذكرى التاسعة للثورة السورية، مصادفة، وإنما أرادت أن تؤكد مجددا أنها لن تغض الطرف طويلا عن جرائم نظام الأسد التي ارتكبها بحق الثوار، مؤكدا أن "الولايات المتحدة تؤكد دعمها السياسي للمعارضة السورية".
ولفت الخبير العسكري كذلك إلى تزامن الإعلان الأمريكي مع المعارك التي شنتها قوات النظام بدعم روسي، في شمال غرب سوريا، وقال "الولايات المتحدة تريد التأكيد أن ما حققه النظام السوري من تقدم عسكري في إدلب، لا يعني الإفلات من العقاب".
رسائل لروسيا
مدير مركز "رصد للدراسات الاستراتيجية"، العميد عبد الله الأسعد، اعتبر خلال حديثه لـ"عربي21" أن المعني الأول بالخطوة الأمريكية، هي روسيا.
وأوضح، أن استهداف الولايات المتحدة لأيوب رأس جيش النظام (وزير الدفاع)، الذي يعتبر واحدا من ضباط "الحرس القديم"، والذي عُين بأوامر روسية، بالعقوبات، يبعث برسائل إلى الروس، تشعرها بمدى الخطورة التي تحيق بأذرعها المتحكمة بالجيش السوري، وأبرزهم العميد سهيل الحسن، والعماد علي أيوب.
اقرأ أيضا: الثورة السورية بعامها العاشر.. فشلت أم مستمرة رغم الهزائم؟
وذكر الأسعد، أن أيوب أوفد من قبل الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى روسيا، وهو يتقن اللغة الروسية.
وأضاف أن "الولايات المتحدة تؤكد أنها على إطلاع تام بالأوامر التي يتلقاها أيوب من روسيا"، وقال "للخطوة مدلولات كبيرة، وتحديدا على الوضع العسكري في إدلب"
وفي السياق ذاته، أشار الأسعد إلى مواصلة جيش النظام السوري تحشيد قواته على مقربة من خطوط التماس في إدلب، وقال "من الواضح أن الإعلان الأمريكي يعطي مدلولا أمريكيا، بأنها لن تسمح بتدهور الوضع الميداني في إدلب".
وقال إن "من الواضح أن هناك جدية أمريكية، بتغيير قواعد اللعبة العسكرية، تجاه النظام السوري وحلفاؤه روسيا وإيران".
وحسب الأسعد، فإن الولايات المتحدة تبدو وكأنها، قد أبطلت التفويض الذي منحته لروسيا بإدارة الصراع العسكري في سوريا، وذلك خلال الاتفاق السري الذي توصل إليه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في جنيف، في صيف العام 2016.
وقال: يبدو أن اتفاق كيري- لافروف حول سوريا، صار من الماضي، حيث تبدو الولايات المتحدة في وارد تضييق وتأطير التحركات العسكرية الروسية في سوريا.
قانون "قيصر"
الباحث في الشأن السوري، أحمد السعيد، قال إن "الخطوة الأمريكية المتمثلة بفرض عقوبات على وزير الدفاع النظام السوري، علي أيوب، تعد فاتحة لتحركات أمريكية قادمة، مع اقتراب موعد تطبيق قانون "قيصر" لحماية المدنيين في سوريا".
وأضاف لـ"عربي21"، أن الولايات المتحدة ترفع من سقف تهديداتها للنظام السوري، لإرغام الأخير على تقديم تنازلات في سبيل إنعاش مسار الحل السياسي، وفق المرجعية الأممية ومسار جنيف.
وقال السعيد، "بعبارة أخرى، الإعلان الأمريكي يؤكد أنه لا معنى لنتائج العمليات العسكرية على الأرض، والحل لا بد أن يكون سياسيا، وإلا فإن النظام السوري سيكون عرضة لعقوبات صارمة، ستمنع الروس من جني أي مكاسب اقتصادية، ثمنا لدعمها النظام السوري، رغم أن الفاتورة التي دفعتها روسيا كبيرة للغاية".
وسبق وأن أقر مجلس الشيوخ الأمريكي حزمة تشريعات بينها "قانون سيزر"، الذي يفرض عقوبات على سوريا.
وأشارت وسائل إعلام أمريكية إلى أن "القانون ينص على اتخاذ إجراءات إضافية ضد الجهات التي تدعم العمليات العسكرية لجيش النظام السوري، وأن هذه الإجراءات تشمل تطبيق عقوبات على شركات أجنبية إذا تبين أنها تقدم أي دعم للجيش السوري".