شكّل تحذير المرشح لمنصب القائد العام للقيادة المركزية للقوات الأمريكية، مايكل إريك كوريلا، من تداعيات الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا والمواجهة مع أمريكا؛ فرصة لكل المتفائلين بالثورة السورية، وقدرتها على الثبات والنجاح، حين هدد القوات الروسية المحتلة في
سوريا وبشكل واضح بقوله: "إذا غزت
روسيا أوكرانيا فلن تتردد في أن تكون بمثابة مخرّب في سوريا أيضا".
ولكن بالمقابل كشفت هذه التهديدات، وبشكل فاضح ووقح، مدى التواطؤ الأمريكي مع كل الجرائم التي ارتكبت روسياً في سوريا، والضحية كان الشعب السوري الذي فقد مليون شهيد، وتشرد 14 مليون شخص منه، فضلاً عن تفشي ثقافة سجون مسالخ الأسد على نطاق واسع، والتي كانت برعاية أمريكية وروسية، كما يظهر من التصريحات المتواطئة اليوم، وكشفتها من قبل تصريحات على ألسنة القوم وبشكل فاقع.
بالتأكيد فإن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك اليوم أن القواعد والأسلحة المتطورة والصواريخ التي تسبق الصوت بـ14 مرة؛ لم يكن نشرها في قاعدة حميميم وغيرها يستهدف السوريين وإنما يستهدف الغرب، وتعزز ذلك بسيطرة روسيا على ميناء اللاذقية بعد أن كان في قبضة الاحتلال الإيراني، مما يعني أن القواعد الروسية ستتولى مهمة تنفيذ هجمات على الغرب في حال المواجهة الشاملة، نظراً للتقارب الجغرافي الذي توفره هذه القواعد، مما يعني استعداد أمريكا وحلفائها لضرب وتدمير هذه القواعد، وهو ما قد يشكل فرصة ذهبية للثوار في سوريا، إن هم أحسنوا الاستعداد لتلك اللحظة الحاسمة في تاريخ الثورة السورية وربما في تاريخ المنطقة، للانقضاض على المناطق المحتلة وتحريرها.
كشفت هذه التهديدات، وبشكل فاضح ووقح، مدى التواطؤ الأمريكي مع كل الجرائم التي ارتكبت روسياً في سوريا، والضحية كان الشعب السوري
يترافق هذا مع انهيارات متعددة للعصابة الطائفية الحاكمة في دمشق، وظهر أكثر ما ظهر ذلك مع فشل الرهان على التطبيع مع الدول العربية. وقد نشرت مجلة إنتلجنس ريبورت تقريراً مهماً عن فشل المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتيف برفقة السفير الروسي في الرياض وآخرين؛ في إقناع القيادة السعودية بعملية التطبيع مع العصابة الطائفية في دمشق، عززه تمادي العصابة في التعدّي على الجار الأردني الذي استعدّ لأن يكون وسيطاً بين العصابة والدول العربية في مسار التطبيع. ولكن العصابة التي أدمنت تجارة التحشيش عبر الأردن، واصلت عملية تصدير المخدرات والكبتاغون إلى الأردن كمحطة نهائية ومحطة ترانزيت أيضاً، لتصل بالنهاية إلى الدول العربية وتحديداً الخليجية.
وقد تطورت عمليات التصدير الضخمة هذه، بعد أن أرسلت العصابة حبوب كبتاغون محشوة في بطون الأغنام العابرة إلى الأردن، بالإضافة إلى إرسال شحنة من الأسلحة والذخائر ومن بينها رشاشات بكي سي وغيرها من الأسلحة، مما قرع أجراس الخطر لدى القيادة الأردنية، كون ذلك يهدد أمن الحكم بشكل عام، في حال انتشار الأسلحة والذخائر داخل الأردن. كل هذا استدعى فرملة كثير من الدول العربية للتطبيع مع العصابة الطائفية.
لعل غباء العصابة الطائفية وحرصها وإدمانها على تكرار المكرر؛ ذخيرة مهمة لاستمرارية الثورة السورية، ومواصلة طريقها، إن كان بطريقة معالجتها للاحتجاجات، أو بطريقة تعاطيها القديمة مع الدول العربية
أتت التحركات الاحتجاجية الأخيرة في السويداء على يد الدروز لتصب الزيت على نار الانهيارات المتلاحقة للعصابة الطائفية، وعلى الرغم من توقفها مؤقتاً بعد أن استعدّت العصابة الحاكمة لتلبية مطالب المحتجين، كما أعلنت، وتحديداً فيما يتعلق بالإحتياجات الإنسانية، إلاّ أن العصابة غير قادرة على تلبية تلك المطالب، وهي التي لم توفر أبجديات هذه المطالب لحاضنتها العلوية، فضلاً عن مناطق سوريا المحتلة الأخرى. ولعل غباء العصابة الطائفية وحرصها وإدمانها على تكرار المكرر؛ ذخيرة مهمة لاستمرارية الثورة السورية، ومواصلة طريقها، إن كان بطريقة معالجتها للاحتجاجات، أو بطريقة تعاطيها القديمة مع الدول العربية.
سيشكل الصراع الروسي- الأمريكي فرصة أخرى للثورة السورية، بعد أن وقّعت واشنطن مع قطر اتفاقيات لتصدير الغاز القطري المسال إلى أوروبا، وهو ما سينعكس على علاقات قطر مع روسيا، كونه سيُفقد الخزينة الروسية عائدات ضخمة من بيع غازها إلى دول أوروبا، مما سيلقي بتداعياته وانعكاساته على الواقع في سوريا، بالإضافة إلى انعكاس ذلك على حلفائها المستبدين في إيران، مما يعني اهتزاز حلف سدنة العصابة الطائفية في دمشق. كل هذا سيعزز فرص الثورة السورية في الانتصار على أعدائها وخصومها الداخليين والخارجيين.