مع عودة الحديث عن التطبيع التركي مع النظام السوري،
عاد الحديث الدولي عن محاسبته على
مجازره بالكيماوي وتحديداً مجزرة دوما عام 2018،
والتي
أدانته فيها مؤخراً منظمة
الأسلحة الكيماوية الدولية ودعت إلى محاسبته. وسبق
وتعددت هذه المجازر الكيماوية بحسب منظمات دولية إلى أكثر من 217 واقعة استُهدف
فيها المدنيون السوريون، بأسلحة كيماوية، بعد أن تعهد النظام نفسه للمنظمة غير مرة
بتدمير هذه الأسلحة التي سبق وأن استخدمها في الغوطة، ودفعت الرئيس الأمريكي باراك
أوباما يومها إلى التلويح بضربة قاصمة للنظام ليعدل عنها لاحقاً.
وقد أتى الحديث عن الكيماوي بعد أن اكتسب رأس النظام
السوري صفة أمريكية جديدة وهي "ملك الكبتاغون"، بعد جهوده في تصنيع
وإنتاج وتصدير وبيع هذه الحبوب القاتلة إلى الشعب السوري وإلى الدول المجاورة،
بحيث وصلت سمومها إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا. وقدرت مراكز دراسات غربية مردود
النظام السوري من وراء الكبتاغون سنوياً بـ57 مليار دولار، وتقول التقديرات إن
الشحنات التي يتم ضبطها لا تتعدّى نسبتها عشرة في المئة من الشحنات التي تصل إلى
أهدافها.
يتم ذلك كله وسط حالة الفقر والجوع التي وصلت إلى مستويات ومديات غير مسبوقة بتاريخ سوريا، بحيث بات الشعب السوري مهدداً بالجوع، ومع هذا يصر النظام السوري على الحل العسكري التدميري، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية أخيراً إلى القول بأن هذا النظام غير راغب بأي تسوية سياسية
يتم ذلك كله وسط حالة الفقر والجوع التي وصلت إلى
مستويات ومديات غير مسبوقة بتاريخ
سوريا، بحيث بات الشعب السوري مهدداً بالجوع،
ومع هذا يصر النظام السوري على الحل العسكري التدميري، وهو ما دفع الولايات
المتحدة الأمريكية أخيراً إلى القول بأن هذا النظام غير راغب بأي تسوية سياسية.
وقد تكون مثل هذه التصريحات مؤشراً على تحول ما، في ظل دعواتها المستمرة إلى
الابتعاد عن
التطبيع والتصالح مع النظام السوري.
التراجع التركي في سياسة التطبيع التي طرحها مع النظام
السوري بعد زيارة وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إلى أمريكا ولقائه مع المسؤولين
هناك، يشير إلى أن شيئاً ما طُرح للأتراك من أجل الابتعاد عن عملية التصالح، وتؤكد
على ما قلناه في الأسبوع الماضي بأن
الأسد غدا مادة مساومة، وورقة تفاوض لا غير،
بحيث يسعى كل فريق إلى انتزاع مكاسب أكبر على رأسه، وأكبر دليل على ذلك بيان وزارة
الخارجية التركية الأخير الذي دعا إلى محاسبة النظام السوري في واقعة القصف
الكيماوي لمدينة دوما، التي أدانته فيها منظمة الأسلحة الكيماوية. ومعلوم تماماً
بأن هذا القصف لا يمكن أن يتم دون موافقة واضحة من رأس النظام كما بيّنت أكثر من
مرة منظمات دولية، لكون طريقة اتخاذ القرار رأسية وهرمية بحيث تصل إلى رأس النظام.
وهنا ينبغي أن نذكر بالوثائق الدولية التي حصل عليها
المجتمع الدولي والتي تدين النظام السوري ورأسه، وقال عنها أكثر من مرة محققون
دوليون بأنها وثائق تفوق الوثائق التي أدانت وحُكم بموجبها على متهمي نورمبرغ، لكن
إرادة المحاكمة الدولية كانت متوفرة هناك، أما في الحالة السورية فيثبت يوماً بعد
يوم أن الإرادة الدولية غائبة وغير موجودة.
نذكر بالوثائق الدولية التي حصل عليها المجتمع الدولي والتي تدين النظام السوري ورأسه، وقال عنها أكثر من مرة محققون دوليون بأنها وثائق تفوق الوثائق التي أدانت وحُكم بموجبها على متهمي نورمبرغ، لكن إرادة المحاكمة الدولية كانت متوفرة هناك، أما في الحالة السورية فيثبت يوماً بعد يوم أن الإرادة الدولية غائبة وغير موجودة
لم تعد هناك دولة أوروبية اليوم دون قوانين وأحكام
لمحاصرة النظام السوري؛ إن كان من حيث عدم الإفلات من عقوبة التعذيب، أو من حيث
ملاحقته لاستخدامه الكيماوي، أو من حيث
إنتاجه المخدرات والكبتاغون وترويجها
وبيعها، وبالتالي فمن الصعب جداً على المجتمع الأوروبي اليوم التعامل مع نظام بهذا
الشكل وهو المحاصر بقوانينه، وقد رأينا ملاحقة ضباط العصابة الطائفية في فرنسا وألمانيا
لتعذيبهم الشعب السوري في السجون، والحكم عليها بالسجن.
فرض الوقت وواجبه في هذه الظروف على القوى الثورية
بكافة أطيافها وألوانها، رصّ الصفوف وتقويتها وتعزيزها، والعمل على جمع وتعظيم
الجوامع فيما بينها من أجل انتظار لحظة تاريخية قادمة بإذن الله، ونحن نرى تراجع
النظام السوري والروسي، بحيث أنه منذ غزو موسكو لأوكرانيا لم تعد روسيا تستخدم
القذائف الليزرية المسماة بالكراسنبول والتي تكلف كل واحدة منها 30 ألف دولار،
فالغوص الروسي في الرمال الأوكرانية سيوفر فرصة لا تعوض للثورة السورية ولكل
الأحرار في العالم لاستغلالها، يضاف إلى ذلك المأزق الذي دخله الاحتلال الإيراني
في سوريا مع شعبه الثائر عليه، فضلاً عن مواجهته مع المجتمع الدولي.