قضايا وآراء

أفغانستان وإيران.. صراع لكن بطعم الماء

أحمد موفق زيدان
غضب طالبان من دعم إيران لمعارضيها- تويتر
غضب طالبان من دعم إيران لمعارضيها- تويتر
الاشتباكات العنيفة لكن القصيرة التي وقعت يوم السابع والعشرين من الشهر الجاري على الحدود بين إيران وأفغانستان، حيث اتهم الطرفان بعضهما بعضاً ببدئها، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة على الرغم من تصريحات التهدئة التي حرص الجانبان على تأكيدها. فهذه الاشتباكات لديها خلفية خلافية ونزاعية عميقة، ولعل الصراع بين الطرفين بدأ بشكل مباشر مع انهيار حكومة كابل المدعومة من تحالف دولي من 40 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

لا يخفى على أي متابع للشأن الأفغاني أن الخلطة الأفغانية التي حكمت أفغانستان طوال عقدين كانت بمشاركة إيرانية أساسية على الأرض، تماماً كما كان الحال في المشاركة الإيرانية في العراق بغطاء أمريكي، وفي سوريا بغطاء روسي، مما ساعد على ترسيخ أقدامها في أفغانستان لعقدين من الزمن، فمكّنت بذلك حلفاءها من الشيعة والأقليات من مفاصل الدولة، لتستيقظ طهران فجأة عارية في أفغانستان بلا حلفاء، وبلا غطاء أمريكي، الذي تحدث عنه بذكاء مسؤول طالباني معلقاً على الاشتباكات الأخيرة حين خاطب إيران بقوله: "كنتم تتلطّون وتختبئون وراء القوات الأجنبية في وجودكم في الدول العربية، لكن اليوم أفغانستان بلا قوات أجنبية تختبئون وراءها".

وذهبت قيادات طالبانية أبعد من ذلك حين هددت باحتلال طهران، وهو الأمر الذي لقي تهدئة كبيرة من وزير الداخلية الإيراني وحتى من القيادات العسكرية الكبرى، بما فيها قائد القوات البرية الذي حرص على زيارة الحدود والتأكيد على تهدئة الجبهة، وإطلاق محادثات مباشرة بين الطرفين.

الاشتباكات التي وقعت بالأسلحة الثقيلة، شاركت فيها دبابات ومدفعية، وقيل صواريخ إيرانية، لا يمكن أن تفسر عرضياً، فبالمفهوم العسكري لا بد أن يكون سبقها الكثير من الغضب والخلافات حتى وصلت إلى أسلحة ثقيلة بالحجم الذي تسرب عبر فيديوهات بثت على مواقع التواصل الاجتماعي.

تواجه أزمة شح مياه حادة، ولذا فقد حوّلت مياه بحيرات في الأحواز العربية باتجاه مناطق فارسية، وهو ما كان سبباً أساسياً وراء تفاقم الاحتجاجات الأحوازية خلال الانتفاضة الإيرانية الأخيرة. ويرى كثير من الخبراء والمحللين أن التحدي الحقيقي لإيران في الفترة القريبة المقبلة إنما يكمن في نقص المياه الذي تعاني منه، وهو ما قد يجعلها تدخل حروباً أو توترات مع جيرانها
ما أُعلن عن الخلاف الذي تسبب في اندلاع الاشتباكات، كان قد مهّد له الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي توعد بالرد العنيف إن لم تحصل إيران على حصصها من مياه نهر هلمند، وفقاً للاتفاقية التي وقعتها مع أفغانستان عام 1973، فرد عليه قائد طالباني مستهزئاً بحسب ما تسرب من مقطع فيديو، حين ظهر وهو يملأ جرة ماء ويخاطب رئيسي: "هذه جرة ماء، إن لم يكن لديكم ماء، ولكن رجاء لا تهاجموننا لأننا نخاف".

أما الناطق باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد فعلّق بقوله إن حكومته ملتزمة بكل الاتفاقيات الدولية، وبما فيها اتفاقية نهر هلمند، مضيفاً: لكن الكل يعلم أن أفغانستان تتعرض لجفاف كبير مما قلّص مياه نهر هلمند، وهو ما تسبب ربما في تقليص حصص إيران، فالأمر خارج عن إراداتنا.

بكل تأكيد فإن إيران تواجه أزمة شح مياه حادة، ولذا فقد حوّلت مياه بحيرات في الأحواز العربية باتجاه مناطق فارسية، وهو ما كان سبباً أساسياً وراء تفاقم الاحتجاجات الأحوازية خلال الانتفاضة الإيرانية الأخيرة. ويرى كثير من الخبراء والمحللين أن التحدي الحقيقي لإيران في الفترة القريبة المقبلة إنما يكمن في نقص المياه الذي تعاني منه، وهو ما قد يجعلها تدخل حروباً أو توترات مع جيرانها بأكثر مما هي عليه.

لكن وراء الأكمة أشياء غير المياه، وعلى رأسها دعم إيران جماعات المعارضة الأفغانية، فقد تحدثت مصادر أفغانية عن إقامة القائد أحمد شاه مسعود، نجل القائد الأفغاني مسعود، في إيران لشهر كامل، وقد تحوّل قبل أيام إلى طاجكستان بحسب المصادر الأفغانية. وتعمد إيران اليوم إلى تحريك خيوطها في أفغانستان، إن كان عبر مقاومة مسعود أو عبر مقاومة أحزاب شيعية وأوزبكية للحكومة الأفغانية التي لا تروق لها، بحيث تمولها من خلال النفط الذي تعاني من عقوبات لتصديره، فتقوم بمنحهم النفط لتقوم هذه الفصائل المعارضة ببيعه في داخل أفغانستان، وبالتالي تُموّل نفسها بنفسها في حربها مع الحكومة الأفغانية، والتي تمثل حركة طالبان القوة الأساسية والرئيسية فيها.

وراء الأكمة أشياء غير المياه، وعلى رأسها دعم إيران جماعات المعارضة الأفغانية، فقد تحدثت مصادر أفغانية عن إقامة القائد أحمد شاه مسعود، نجل القائد الأفغاني مسعود، في إيران لشهر كامل، وقد تحوّل قبل أيام إلى طاجكستان بحسب المصادر الأفغانية. وتعمد إيران اليوم إلى تحريك خيوطها في أفغانستان، إن كان عبر مقاومة مسعود أو عبر مقاومة أحزاب شيعية وأوزبكية للحكومة الأفغانية التي لا تروق لها، بحيث تمولها من خلال النفط الذي تعاني من عقوبات لتصديره، فتقوم بمنحهم النفط لتقوم هذه الفصائل المعارضة ببيعه
وكان معهد واشنطن قد أشار إلى محور للالتفاف على العقوبات الروسية والإيرانية، ويضم هذا المحور إيران وروسيا والنظام السوري وحزب الله بالإضافة إلى ديبلوماسي أفغاني سابق. ولم يشر المعهد إلى هوية الديبلوماسي الأفغاني القديم، الذي بدا أنه من معسكر الحكومة السابقة، وهو الأمر الذي يوفر على ما يبدو غطاءً مالياً للمعارضة الأفغانية الطامحة لإسقاط الحكومة الأفغانية، وإن كانت الأخيرة تمكنت خلال السنة الماضية ونيف من ترسيخ أقدامها، وأثبتت بالمقابل المعارضة الأفغانية عجزها عن خلع أو الإضرار بالحكومة في كابول، خصوصاً بعد أن نجحت الحكومة الأفغانية في إضعاف تنظيم داعش إلى حد كبير، بعد أن كانت قوى إيرانية وغير إيرانية تراهن على الفشل الطالباني.

إيران تسعى إلى استغلال الفترة التي تحتاجها طالبان في ترسيخ استقرارها، وترتيب صفوف أفغانستان بعد حرب دامت 20 عاماً، ويقف على رأس أولويات هذا الترتيب منع ظهور أي معارضة عسكرية مسلحة في المستقبل تهدد وجودها، وهنا ربما محز السكين في الخلاف بين الطرفين.

التعليقات (1)
احمد
الإثنين، 29-05-2023 05:52 م
ظهور ايران الحديثه كان بدعم من قيصر روسيا لتكون سكينا في خاصره الدوله العثمانيه و ما زالت ايران مستمره في هذا الدور .. العرب و المسلمون يكررون بان عدوهم اسرائيل في حين ان ايران اخطر فهي استولت على الاحواز التي هي اضعاف فلسطين حجما و ثروات و اليوم ايران تتحكم في العراق و سوريا و لبنان و اليمن و لها نفوذ في دول شتى كل هذا بدعم غربي خلف الستار . و قتلت و هجرت من شعوب المنطقه اكثر من الشعب الفلسطيني بخمس مرات لكن ايران أجبن من مواجهه مباشره لذلك عاده ما تلجأ الى ميليشياتهافي تفيذ اطماعها . في الحاله الافغانيه هناك تهديد للوجود الايراني لسببين الاول لان الافغان محترفي حروب فلا يهمهم من امامهم مهما كبر و خير دليل اذلال الروس و الامريكان السبب الثاني الشده في التعامل مع اي تمرد يمنع من تكوين ذيول ايرانيه كما هو الحال في العراق و لبنان و سوريا فالافغان لا يتورعون عن اباده من يزعزع نظامهم ولا يهمهم المجتمع الدولي و حقوق الانسان او حقوق الحيوان .. ايران ستحاول تملق الافغان و تهدأه الاوضاع لانها تعرف مدى ضعفها و مدى قوة طالبان