قضايا وآراء

الأسد.. حصان خاسر

أحمد موفق زيدان
المراهنة على النظام خاسرة، والنظام غدا حصاناً خاسراً، ولعل تصريحات روسيا الأخيرة في أنها لا ترى في سوريا منطقة مهيئة للإعمار، رسالة واضحة بأن المعركة لم تنته بعد... الأناضول
المراهنة على النظام خاسرة، والنظام غدا حصاناً خاسراً، ولعل تصريحات روسيا الأخيرة في أنها لا ترى في سوريا منطقة مهيئة للإعمار، رسالة واضحة بأن المعركة لم تنته بعد... الأناضول
طوال السنوات الماضية التي بدأ فيها حلفاء الثورة السورية محاولاتهم التطبيع مع نظام الأسد، لم يحصدوا شيئاً مما أملوه منه، وبغض النظر فيما إذا كان عاجزاً عن تقديم المطلوب منه نظراً لكثرة اللاعبين والمتلاعبين بنظامه، أو لتمنعه تقديم ما يراه تنازلاً لهذه القوى، حتى وصل الأمر إلى معاقبته بأن يجلس لساعات في مؤتمر قمة الجامعة العربية الأخير بالمنامة صامتاً، وهي أكبر عقوبة يُمنى بها في الاجتماعات، وهو المهووس  بالثرثرة والفلسفة وتوزيع الدروس والنصائح الكاذبة المتكاذبة على الحضور كعادته.

أقول هذا بعد أن أدرك الجانب الأردني كذب النظام منذ عام 2018، فلا هو أبعد المليشيات الطائفية عن حدوده، على الرغم من الجزرة التي قدمها الجانب الأردني له نيابة عن العرب كلهم في سياسة الخطوة خطوة، فقابلها بجري متسارع نحو التفجير بإغراق الأردن بالمخدرات، واستخدامه كمحطة ترانزيت إلى العالم العربي وما بعد العربي، بالإضافة إلى بدء تهريب المتفجرات والأسلحة إلى الأردن، وهو ما رفع درجة الأهبة والاستعداد والقلق في عمّان، فردّت على ذلك بتجميد العلاقات، والبدء في معالجة الأمر بشكل مختلف، والعودة إلى ما قبل عام 2018 عبر دعم فصائل الجيش السوري الحر لحماية حدودها من تسونامي المخدرات والمتفجرات الأسدية، حيث كانت فصائل الجيش السوري الحر خير دافع وحام ليس للأردن فقط وإنما للجنوب السوري من تسلل المليشيات الطائفية وسمومها التخريبية وترويج مخدراتها، التي أغرقت بها المنطقة.

هذا النظام مُتفسخ وباتت مناطقه التي يسيطر عليها على أبواب ثورة ثانية كما كتب المتخصص البريطاني المعروف بالشأن السوري تشارلز ليستر في مقاله الأخير بالفورين بوليسي، وبالتالي فإن هذا النظام لم يعد قادراً على الإيفاء بالمتطلبات اليومية لحاضنته فضلاً أن يكون قادراً بالإيفاء لمتطلبات الدول المجاورة،
اليوم نرى نفس التراجع في الجانب الخليجي، وتحديداً السعودي، فالملفان الذين تأمل الأطراف الدولية أن يتعاطى معهما النظام الأسدي بإيجابية، وهما ملف اللاجئين ومقاتلة قوات سوريا الديمقراطية بما يتعلق بالأتراك، بدا عاجزاً أو غير راغب فيهما لا فرق، ولكن تبين أيضاً أنه غير مستعد على الإطلاق التعامل مع ملف اللاجئين، ونحن نرى التقارير الدولية عن قتله وتعذيبه وسحله لكل لاجئ يصل إلى سوريا، فضلاً عن تمليك الأراضي والعقارات للمليشيات الإيرانية، وهو ما رأيناه أخيراً في حي حجيرة بريف دمشق، وما شاهدناه بأمّ العين من انشغال الجيش الأسدي بتفكيك أسلاك الحديد من أسطح بيوت ومنازل مدينة سراقب المحتلة في ريف إدلب، بالإضافة إلى العمليات شبه اليومية في استهداف كل مدني ومصالحه عبر طائرات الدرون الانتحارية وبمشاركة حلفائه الإيرانيين والمليشيات الطائفية العابرة للحدود، مما يعني أنه لن يقبل بالتنازل في هذا الملف السيادي وهو إعادة اللاجئين، بعد أن جعل المجتمع متجانساً كما ذكر غير مرة، بتهجيره أربعة عشر مليون سني من سوريا.

على صعيد قوات سوريا الديمقراطية، فهذا النظام ليس مستعداً أن يتعاون في ملفها، وهو الذي يعرف تماماً بأنه قادر على بيعها في مكان آخر، وهو الأمريكي، بل ومستعد أن يذهب إلى منحها استقلالاً ذاتياً مقابل غسل نظامه وتسويقه دولياً عبر الأمريكيين، مقارنة بثقته بالتركي، وهو الذي ينظر إليه تاريخياً قبل 2011 على أنه العدو الأساسي، فكيف سيتنازل عنه اليوم دون أي مصلحة تصب في صالحه، وقد سبق أن رفض التنازل للأردني، الذي لم يؤذه بعشر معشار ما فعله التركي به خلال السنوات الماضية.

هذا النظام مُتفسخ وباتت مناطقه التي يسيطر عليها على أبواب ثورة ثانية كما كتب المتخصص البريطاني المعروف بالشأن السوري تشارلز ليستر في مقاله الأخير بالفورين بوليسي، وبالتالي فإن هذا النظام لم يعد قادراً على الإيفاء بالمتطلبات اليومية لحاضنته فضلاً أن يكون قادراً بالإيفاء لمتطلبات الدول المجاورة، إذ عجز مع حلفائه على معالجة ملف تنظيم الدولة، ونحن نقرأ بشكل شبه يومي عن عمليات ضده وضد مصالحه في البادية، فكيف سيكون قادراً على مقاتلة قوات سوريا الديمقراطية؟ ولمصلحة من؟، وقبل هذا كله، هل لديه القوة الكافية لنشر مقاتليه على جبها قسد الأمر الذي سيُضعفه في مواجهة مناطق أخرى، ستستغل الوضع لصالحها.

على جبهة درعا والسويداء نرى فشله الكامل في معالجة ملفات أمنية منطقوية، فكيف سيتم المراهنة عليه في معالجة ملفات أكبر منها بكثير، لاسيما وأن عقلية الغرور والعنجهية غير المبررة والمفتقرة إلى أبسط أدواتها لا تزال تتحكم به،  كمثل احتجازه لسيدتين من السويداء وانخل، ولكن ثوار درعا والسويداء أجبروه على التنازل عن كبريائه وغروره فأطلق سراحهما مُرغماً، في حالة غير مسبوقة بالنسبة له، وهو دليل ضعف كبير...

المراهنة على النظام خاسرة، والنظام غدا حصاناً خاسراً، ولعل تصريحات روسيا الأخيرة في أنها لا ترى في سوريا منطقة مهيئة للإعمار، رسالة واضحة بأن المعركة لم تنته بعد، دليل ذلك إصرار السوريين على المعركة واستمرارها، والتي تتسع وتتعمق مع تعمق ملاحقة النظام في المحاكم الدولية والتي وصلت اليوم إلى أمريكا، كل ذلك سيحاصر النظام وحلفاءه أكثر فأكثر، خصوصاً وأن المنطقة في حالة سيولة ومقبلة على حرب كبرى كما يتوقع الكثيرون.
التعليقات (0)

خبر عاجل