اعتمد عبد الفتاح السيسي المرشح الرئاسي الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي صيف العام الماضي على النساء ووجه خطاباته لهن، وردت هذه على دعواته حيث خرجت أعداد منهن للتصويت في مراكز الاقتراع في الانتخابات التي بدأت الاثنين، ولكن مجموعة من النساء بقين في بيوتهن ولم يشاركن، وهو فرع النساء في حركة الإخوان المسلمين التي قاطعت الانتخابات.
ويرى باتريك كينغزلي في تقرير له بصحيفة "الغارديان" أن الأحد عشر شهرا الأخيرة وإن كانت قاسية على الإخوان لكنها كانت فترة تحولات للمرأة التي غالبا ما عملت في ظل فرع
الأخوات.
ويناقش الصحافي هنا بروز المرأة في قيادة الاحتجاجات في غياب الرجال الذين اعتقلوا أو شردوا "فلم يقم هذا الفريق أبدا بالاحتجاج بنفسه بدون قيادة الرجال" على ما يقول.
و "الآن تجتمع عضوات هذا الفريق كل يوم تقريبا للاحتجاج في حرم الجامعات في احتجاجات تنسقها وتشارك فيها بشكل خاص النساء. وفي بعض الأحيان تجتمع النساء في الشوارع" للتظاهر.
ويضيف "عندما تم الحكم بالسجن على 14 عضوا في تجمع الأخوات لمدة 11 عاما لمشاركتهن في تظاهرات الشتاء الماضي، لم تكن أحكام السجن القاسية التي أدت لدهشة الناس، لكن مجرد خروج النساء لوحدهن".
وينقل عن عضوة شابة في تجمع الأخوان "يمكن للفتيات التعبير عن أنفسهن بحرية، ويمكنهن التظاهر" لوحدهن.
ويشير الكاتب إلى أن هذا التطور دعا بالبعض منهن للعب دور أكبر في داخل الجماعة، حيث تقول فاطمة "لن يكون الأمر كالسابق عندما كنا نتبع الأوامر"، مضيفة "نحن نعتقل ونتعرض للهجمات في الشارع، ويجب أن يكون لنا رأي".
وكان فرع الأخوات قد أنشئ في الثلاثينيات من القرن الماضي بعد أقل من عقد على ولادة الحركة في عام 1928، وكان جهد وعمل فرع الأخوات مقتصرا على النشاطات الاجتماعية، ولم تصل أي من عضواته لمركز في القيادة ولا يشاركن في قرارات الجماعة الداخلية.
والآن تطالب الأخوات بأن يكون لهن دور في القيادة.
تقول سارة كامل وهي مصممة أزياء في العشرينيات من عمرها "تعودنا على لعب دور ثانوي"، و "تعود الرجال والنساء على الدور الثانوي للمرأة، ولكن هذا الوضع سيتغير بالتأكيد".
ويرى كينغزلي أن نقطة التحول المهمة وتزايد دور المرأة جاءت في آب/ أغسطس الماضي، عندما هاجمت قوات الأمن مركزي اعتصام الإخوان في النهضة ورابعة العدوية، وما تبع ذلك من قتل واعتقالات للآلاف من ناشطي الإخوان سواء من القيادة أو الصفوف المتوسطة والدنيا في الحركة. وأثرت هذه الاعتقالات على عمل الحركة التي تتسم بالمركزية.
ويقول متحدثون باسم الحركة في أوروبا إن هيكيلة الحركة لا تزال قائمة ولم تتأثر بالقمع، لكن واقع ما بعد رابعة لم يترك أيا من قيادات الإخوان خارج المعتقل ومن هنا أصبحت القيادات الصغيرة في الحركة أكثر استقلالية وليس فرع الأخوات. وينقل التقرير عن سارة محمد التي تركت الإخوان بسبب موقفها من المرأة حيث تقول "واحدة من مشاكل الإخوان قبل الثورة وحتى بعد رابعة أن الشباب لم يكن لهم دور في اتخاذ القرارات، ولكن بعد
الانقلاب وبعد رابعة واعتقال القيادات، تغيرت الأمور، حيث بدأ الطلاب داخل الحركة بشق طريقهم".
ويتحدث الكثيرون والكثيرات عن الأثر الذي تركته مذبحة رابعة على الجماعة، وكما تقول كمال "لقد جعلتنا نعيد التفكير بطريقنا داخليا وخارجيا"، "ونحن ضد اعتقال القادة ولكن من مصلحتنا العمل بدونهم، لأن هذا يعطينا مساحة والتفكير بدون الروتين الماضي".
ويتساءل الكاتب عما سيحدث في المستقبل وهو سؤال فرضي في ظل ما تتعرض له الحركة من هجوم، فقد لا يعود هيكل الجماعة، وقد لا تبرز الأخوات، لكن كمال تقول "عندما نعود مرة ثانية فالطريقة القديمة في العمل لن تكون ناجحة"، "ويجب أن لا نتلقى أوامر بدون استشارة، واعتقد أن حركة الشباب ستكون القوة الرئيسية"، وبحسب فاطمة "فستحدث ثورة داخل الجماعة".
وعلى خلاف حماس الشابات، تقول هدى عبد المنعم، والتي تعتبر من قيادات الأخوات في الحركة وترى أن لا حاجة تستدعي لأن يكون لهن دور في القيادة: "دائما كان لنا دور، قبل وبعد الأحداث"، مشيرة إلى أن أحد مستشاري الرئيس مرسي كانت امرأة "باكينام الشرقاوي". وتقول "ليس صحيحا أن رأي المرأة يؤخذ به بسبب غياب الرجال، فقد كان دورها موجودا".
ويرى كينغزلي أنه لا اتفاق عاما بين الأخوات حول التغيير، وأن من يدعو للتغيير ولدور قيادي للمرأة لا يزال قليلا.
وقد يعبر النقاش عن انقسام جيلين؛ فإسراء ترى أن "طاعة الزوج مهمة ويجب احترامه وحتى لو لم تكن مقتنعة بما يقول" لكن هند الأصغر عمرا تقول "عملي الاجتماعي والسياسي لا حاجة لزوجي أن يكون له دور فيه"، و"أعتقد أن المرأة ستدفع باتجاه تمثيل أوسع لأننا جماعة منفصلة وعليهم قبول هذا".
وقد يكون الخلاف في المواقف تعبيرا عن خلافات جغرافية، فالشابات في القاهرة والإسكندرية قد لا يقبلن الطرق القديمة في إدارة الحركة، أما في الصعيد والأرياف فهم يعتقدون أن الرجال الكبار لا يخطئون، ولا يقولون شيئا يضر بالمرأة، وهذا القطاع هو الأكبر داخل الجماعة كما تقول سارة محمد.