يعاني أهالي ريف ادلب المحرر من صعوبات كبيرة في
تعليم أبنائهم؛ فالنظام السوري استهدف
المدارس في القرى ودمرها بشكل كامل، حيث لم يعد بالإمكان إرسال الأولاد إليها، بحسب أبي أحمد الذي بيّن أنه لا يستطيع تعليم أبنائه في المنزل، وأن هناك العديد من العائلات التي حرم أطفالها من التعليم في العامين الأخيرين.
لكن بالرغم من ذلك، فإن الجهود التي يقوم بها أبناء المنطقة بالتعاون مع مديرية التربية الحرة والجهات التي تعمل على دعم المدارس والجانب التعليمي لم تتوقف حتى اللحظة.
وفي لقاء مع "عربي21"، قال مدير التربية في المناطق المحررة جمال الشحود إن "هناك الكثير من الصعوبات التي اعترضتنا في العملية التعليمية وهذا العام على وجه الخصوص، مع تدمير عدد كبير من المدارس تدميراً كاملاً، وبلغ عددها أكثر من 100 مدرسة على امتداد محافظة
إدلب فقط".
وأضاف أن "هناك نقصا كبيرا في الاحتياجات والأدوات التعليمية، من مقاعد وسبورات (ألواح للكتابة عليها) ومواد تدفئة وغيرها من المستلزمات، كما أنه لم يعد من الممكن تأمين كادر تعليمي يقوم بالدور المطلوب في المدارس التي نعمل على تفعيلها نتيجة عدم وجود مقابل مادي ولو رمزي نعطيه للمدرس، باستثناء بعض المتطوعين الذي يعملون بدون مقابل".
وتابع الشحود: "لا زلنا نعمل بكل الجهود الممكنة من أجل جلب دعم لتفعيل بعض المدارس المجمعة التي قمنا بإنشائها في عدد من القرى والأرياف، ونحاول تأمين احتياجات التلاميذ بالقدر المستطاع، وقمنا مؤخراً بمشروع لتوزيع حقائب مدرسية في محافظة إدلب عددها 63700 حقيبة توزع على 170 مدرسة في المحافظة".
والهدف الأساسي من هذه العملية، بحسب الشحود، المساهمة في استمرار العملية التعليمة على الرغم من الواقع المأساوي الذي يعانيه الطلاب والأهالي والقائمون على العملية التعليمية، "وهناك العديد من المشاريع التي نعمل عليها بالتعاون مع عدد من المنظمات والجهات الداعمة في الجانب التعليمي" حسب تأكيد الشحود.
وأكد الشحود أن الحكومة السورية المؤقتة تحاول العمل لدعم المشروع التعليمي، لكن بشكل خجول وبسيط لا يصل إلى جزء صغير من المستوى المطلوب، معربا عن ثقته بأن الأيام المقبلة سيكون العمل التعليمي فيها أفضل، وأن الكادر التعليمي الذي يعمل بشكل تطوعي حتى الآن سيحاول جاهداً لكي تستمر العملية التعليمية، مع السعي لتأمين وظائف مستمرة في المجمعات التعليمية والمديريات في المناطق المحررة ليتم صرف رواتب بشكل مستمر حسب المقدرة.
بدوره، قال محي الدين الحج أحمد، المشرف على عدد من المدارس المجمعة في ريف إدلب، إنه "بعد حلول العام الدراسي لم نتمكن من استيعاب جميع التلاميذ البالغ عددهم أكثر من 1400 تلميذ بالحلقة الأولى من التعليم الأساسي، فقمنا بتجهيز بعض الكهوف البعيدة عن القرية أو بناء بعض الغرف في الحقول الزراعية؛ خوفاً من استهدافها بالمدفعية والطائرات من قبل النظام".
وتم تأمين بعض الحافلات المعدة لنقل التلاميذ والمعلمين إلى هذه المدارس، "علماً بأن هذه الكهوف والأبنية رديئة من حيث التهوية والإنارة والواقع الخدمي كالتدفئة والمرافق الصحية، ومع ذلك قمنا باستيعاب قسم لا بأس به من التلاميذ وتعليمهم في أوقات محددة"، كما يقول الحج أحمد.
وأكد الحج أحمد أنه بعد كل هذه التجهيزات والاحتياطات المتخذة، تبقى "نسبة المخاطرة من تعرض الطلاب للقصف كبيرة، نتيجة تعمد النظام استهداف المدارس وأماكن التجمع مهما كانت طبيعتها. وهذه سياسة مقصودة يتبعها (النظام) بشكل كبير، والهدف منها العمل على تجهيل السكان ونشر الجهل ومحاربة الناس بالعلم. ونحن بحالة خوف مستمرة من تحديد النظام لأحد هذه الأماكن واستهدافها".
وختم الحج أحمد بقوله: إن "الجانب التعليمي أهم شيء في حياة الإنسان، ولن ندخر أي جهد في سبيل تعليم أبنائنا مهما كانت الظروف. وهناك تعاون كبير من الأهالي والثوار الموجودين في المنطقة من أجل إحراز تقدم في الجانب التعليمي بحسب الإمكانيات المتوفرة".
يشار إلى أن النظام السوري دأب على استهداف المدارس والتجمعات الطلابية بالقصف والغارات الجوية، إضافة إلى قيامه بقطع الإمداد التعليمي عن المدارس في المناطق التي خرجت عن سيطرته. ولكن الأهالي في هذه المناطق أصروا على متابعة مسار أبنائهم التعليمي ولو بأسلوب بدائي، وتم تذليل عدد كبير من الصعوبات التي اعترضت العملية التعليمية رغم المخاطر الكبيرة على حياة التلاميذ.