كتب مشاري الذايدي: هناك طلب وإلحاح شديد، على مسألة تجديد الخطاب الديني، في أكثر من بلد مسلم، ومن ذلك مصر، أم الدنيا، ومعقل الأزهر.
منذ إسقاط حكم الإخوان، وتفجر الإرهاب الأصولي، ردا على ذلك، ومعه انفجار الدعاية الإعلامية الإخوانية، داخل مصر وخارجها، ضد الدولة المصرية، وهناك كلام كثير عن ضرورة الإصلاح الديني، فخطاب التعبئة الإخواني، وأيضا القاعدي والداعشي، يستند إلى نصوص دينية، وكلام تراثي، ومفاهيم فقهية مسيطرة.
الكلام سهل، والفعل صعب، وأن يخرج حاكم مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطالبا شيوخ الأزهر بثورة دينية إصلاحية، فهذا ليس كافيا، لأن الداء متشعب قديم، فيه عدة عوامل، أهمها جانب التربية النفسية الجماعية.
المشكلة، في إعادة بناء شبكة المفاهيم الحاكمة، التي يتربى عليها الوجدان العام، وهذا ليس بدعا من القول، أو إثما من الفكر، فقد فعلها من قبل العظام من أبناء الثقافة الإسلامية، في العراق ومصر والأندلس.
من المفهوم في مثل هذه الحيرة من العثور على نقطة البداية الصحيحة للتغير الديني «الإصلاحي»، أن تكون هناك قرارات كهذه، فقبل أيام اتخذت وزارة الأوقاف المصرية قرارًا بتطهير جميع مكتبات المساجد من الكتب المتطرفة الموجودة داخل رفوفها خاصة كتب قيادات جماعة الإخوان المسلمين وشيوخ التشدد. وحسب صحيفة «المصري اليوم» فإن وزير الأوقاف محمد مختار جمعة أصدر قرارًا بحرق جميع الكتب المحرضة على العنف مثل حسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي.
نعم، فكر الإخوان من ينابيع البلاء والشر وإفساد الدين والدنيا، هذا لا ريب فيه، ولكن هل الحل الحقيقي والناجع هو في حرق بضعة كتب لقطب أو البنا؟
كتبهم موجودة في أماكن أخرى، وهناك من يصرف الملايين على نشرها، وأيضا موجودة في الإنترنت، وتلاميذ هذا الفكر بالآلاف في كل مكان، يعيدون بث كلام قطب والبنا، بتشويق وزخرفة جديدة، ولمسات «مودرن» و«ديجيتال».
حرق الكتب ليس حلا نهائيا، مع أن واجب وزارة الأوقاف هو الرقابة على المساجد، هذا جزء من عملها، ولكني أتحدث عن خطة أشمل، وأدوم. خطة تتشابك مع كل حلبات الحياة ومرافق الدولة، ومناشط المجتمع، تشتبك مع العقل الجماعي.
قبل سنوات كنا في لقاء مع وزير إعلام عربي، فسألته ما هي الجدوى من منع الكتب من الدخول عبر المطارات، وهي موجودة في الإنترنت؟ فرد عليّ: نعرف أنها موجودة، ولكن المنع هو تسجيل موقف، وتوثيق رسالة سياسية!
الحرق الحقيقي هو للأوراق المجرثمة، هو في حرق الأوراق غير المادية، غير المكتوبة على ورق حقيقي، هو في حرق أوراق المفاهيم التي تسيطر على الوجدان العام، الوجدان الحاكم، وتلك لعمر الله، هي طريقة النجاة.
قال الفقيه الظاهري الأندلسي أبو محمد بن حزم حين أحرقت كتبه:
فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي ... تضمَّنَهُ القرطاسُ بل هو في صدري
المشكلة في ما تضمنته الصدور، لا في ما خطته السطور.
(عن صحيفة الشرق الأوسط السعودية- الأربعاء 24 حزيران/ يونيو 2015)
10
شارك
التعليقات (10)
واحد مش فاهم
الأربعاء، 24-06-201509:14 م
يعني ايه معلش مش فاهم الراجل ده بيقول ايه
منصور
الأربعاء، 24-06-201508:48 م
ولماذا لا تطالب بتجديد الخطاب الديني في بلدك السعودية؟
محمد عبد العزيز
الأربعاء، 24-06-201507:29 م
من ادراك ان فكر الخوان هو مصدر ليانبيع الشر وهو فكر ولد قبل ان تولد انت من علمك وما هويتك ...............والله مالكم الا داغش مع كرهى الشديد لداغش
مداح
الأربعاء، 24-06-201506:15 م
ليكن عند شياءً من الإنصاف
ولكن هذا أمر لا تعرفونه ولا تطيقونه أيها البيادات والأبواق ..
نبيل صليبا
الأربعاء، 24-06-201505:07 م
أسوأ ما فعلته (عربي 21) أنها نشرت مقال شخص مثلك، كلام في غاية التهافت والعدوان والجهل المركب، لست من الإخوان؛ لكن هنا في الغرب يتفق المستشرقون والأكاديميون على أن جماعة الإخوان هي أكثر الجماعات اعتدالا، ومنهم من لا يصنفها في خانة الجماعات؛ بل من حركات التحرر الوطني لأنها ظهرت أيام الاحتلال الإنجليزي؛ فلما علمت التيارات الأخرى بقوتها بادرت باختطاف الثمرة اعتمادا على الإخوان أنفسهم، ثم الانتقام منها ومن قيادتها. هذا ما يقوله الجميع، أما أنت فلا أدري لماذا تحقد على الإخوان إلى هذا الحد؟! ما يؤسفني أن مقالك منشور في موقعي المحبب عربي 21، أرجو في المستقبل نشر المقالات المفيدة، التي تنتج وعيا، تبني نهضة، توحد الرؤى، تقرب المستقبل، تتيح المعلومة الصحيحة، لا قيء الحاقدين!