عمَت مدينة السليمة ذات الغالبية الإسماعيلية والعلوية في ريف
حماة، وسط
سوريا، حالة من الغضب والصخب الشديدين، عقب تلقي أبنائها المجندين في قوات النظام السوري ومليشياته قرارا عسكريا رسميا، يطلب من مئات المجندين الالتحاق بجبهات القتال الساخنة، رغم وعود سابقة بأن تكون خدمتهم على الحواجز العسكرية.
وشمل القرار الجديد نحو 600 عنصر ومتطوع من أبناء المدينة، ممن يخدمون على حواجز النظام في مدينة حماة المدينة وما حولها، حيث طالب هؤلاء المجندين بالانتقال الفوري إلى جبهات ريف حماة الشمالية لسد النقص البشري، عقب معارك مدينة مورك التي خسرها النظام مطلع الشهر الحالي.
وجاء القرار الجديد عقب مرحلة سابقة جند نظام الأسد من خلالها مئات المدنيين والموظفين من أصحاب الانتماء البعثي، ضمن قواته المنتشرة في حماة المدينة، لينقلب النظام في خطوته الجديدة على العهود السابقة التي كان قد قدمها لهؤلاء العناصر بإبقائهم في مناطقهم؛ في حال قبلوا عروض التطوع لدى قوات النظام وحمل السلاح.
وبحسب ما أكدته عضو مركز حماة الإعلامي، روز محمد، فقد جاءت هذه الخطوات عقب تعيين النظام حاكما عسكريا جديدا في حماة، ليقوم الأخير بإصدار قرار بنقل عناصر مليشيا "الدفاع الوطني" في
السلمية والكافات المواليتين للأسد؛ إلى جبهات ريف حماة المشتعلة، عقب اتهامات وجهت لتلك العناصر بأنهم يتقاضون الرواتب والمستحقات منذ سنوات، دون تقديمهم لأي مقابل للنظام خلال الفترة الماضية.
وقالت الناشطة الإعلامية لـ"عربي21"، إن ما زاد من غضب الأهالي، أنهم حصلوا في وقت سابق على ضمانات خاصة وتأكيدات من قيادات النظام، بأنهم سيحافظون على أبنائهم في أماكنهم في ريف حماة الشرقي إن تطوعوا في صفوف قواته، ولكن ما إن انتسبوا لديه حتى نقض النظام عهوده، وطالب بسحبهم إلى القتال المباشر ضد الثوار على أشد الجبهات اشتعالا في سوريا.
واستطردت روز محمد قائلة: "خرج أهالي السلمية والكافات يومي أمس والذي قبله (الأربعاء والخميس) بمظاهرات مناهضة للقرار، مطالبين النظام بالتراجع عنه والحفاظ على أبنائهم المتطوعين في صفوف النظام لجانبه".
وأضافت: "خرجت الاعتصامات في السلمية أمام مقرات الجيش الشعبي مرددين شعارات تقول (ما بدنا مورك)"، في إشارة إلى المدينة التي سيطر عليها جيش الفتح في ريف حماة الشمالي مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
بدوره، أفاد الناشط الميداني "كرم العلي"، لـ"عربي21"، عن قيام أهالي مدينة السلمية بإحراق الإطارات على مدخل المدينة احتجاجا على القرار المذكور، مطالبين بإبقائهم على حواجز المدينة تحت ذريعة بقاء المتطوعين من أبناء المدينة فيها للدفاع عنها، وأن المدينة قدمت أعدادا كبيرة من القتلى بما يكفي خلال السنوات والأشهر السابقة.
ورجح الناشطان، تطبيق القرار العسكري ذاته في بلدتي السقيلبية ومحردة المواليتين للنظام في الريف الغربي من حماة، جراء النقص البشري الواضح في صفوف قوات النظام، وخاصة مع تطبيق قانون
التجنيد على الموظفين، والضباط المتقاعدين، إضافة إلى عمليات الاعتقال التي تطال الشبان في حماة المدينة من الحواجز العسكرية بشكل متواصل.
ومدينة السلمية الواقعة على بعد قرابة 30 كيلومترا شرقي حماة، تنقسم إلى غالبية إسماعيلية وعلوية، إلى جانب مجموعة صغيرة من السنة. وكان قد ساند عدد من
الإسماعيليين الثورة السورية عند انطلاقتها في عام 2011، كما أن المعارضين منهم للنظام السوري ناله ما نال بقية الشعب السوري الثائر من اعتقال واضطهاد. أما اليوم، فقد باتت المدينة مكتسية بتأييد للأسد بشكل كامل، وغالبية أبنائها موزعون ما بين قوات النظام أو المليشيات المحلية. أما الفئة المعارضة للأسد فقد غادرت البلاد نسبة كبيرة منها، في حين فضل القسم الآخر الصمت مقابل بقائه في الداخل السوري.