انضم الكيان الإسرائيلي إلى بيان يدين الصين أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بناءً على طلب أمريكي، فالبيان الذي تقدمت به كندا أدان انتهاك الصين لحقوق الإنسان لأقلية الأويغور وهونغ كونغ.
تصويت الكيان لصالح قرار الإدانة جاء امتثالا للضغوط الأمريكية مدخلا وزارة الخارجية التي تولى إدارتها يائير لابيد حديثا في حرج شديد دفعه لإبقاء الخطوة بعيدة عن الأضواء لتجنب الإعلان عن موقف الكيان الإسرائيلي علناً خوفا من رد فعل صيني غاضب بحسب الخبر الذي نقله موقع "والا نيوز" (news walla)؛ فقرار التصويت مثل خروجا عن نهج الكيان في التعامل مع بكين منذ استئناف الصين علاقاتها رسميا مع الكيان الإسرائيلي مطلع التسعينيات من القرن الماضي.
الضغوط الأمريكية على الكيان الإسرائيلي لتعديل سياساتها تجاه بكين هددت بانتكاسة حقيقية للسياسة المتوازنة التي يرغب الكيان الإسرائيلي في اتباعها مع الصين؛ فالضغوط الأمريكية باتت أقوى من أن يتم تجاهلها أو دفع كلفها الباهظة سواء على الصعيد الدبلوماسي والسياسي أو على الصعيد الاقتصادي والأمني.
فالابتعاد عن بكين بات مطلبا أمريكيا جديا من الممكن أن يمتد أثره إلى العلاقة مع الدول الخليجية المطبعة حديثا مع الكيان وعلى رأسها الإمارات العربية والبحرين، حيث تنشط الشركات الصينية؛ فطلب الإلغاء الفوري للاتفاقية الموقعة، بين شركة خط أنابيب النفط عسقلان ـ إيلات مع حكومة الإمارات لنقل النفط عبر فلسطين المحلتة إلى أنحاء العالم والذي تقدمت به وزيرة البيئة في حكومة الكيان الإسرائيلي تامار زاندبرغ المنتمية لحزب ميرتس اليساري؛ تغلب على حماسة المطبعين في الخليج والكيان الإسرائيلي وإن كان بحجج بيئية هذه المرة؛ فالصين حاضرة وإن غابت عن العناوين الرئيسية للأزمة كشريك محتمل ومساهم في شركات النقل والشحن للنفط الخليجي.
الاختراق الصيني يثير مخاوف واشنطن لا في قطاع الطاقة والنقل وتطوير الموانئ بل وفي القطاعات العسكرية بعد أن كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن هبوط طائرات شحن عسكرية صينية لنقل معدات لم تعرف طبيعتها من الإمارات إلى الصين؛ فإمكانية استفادة الصين من نفوذها وشراكاتها مع دول الخليج من الممكن أن تعزز من قدرتها على اختراق المنطقة والوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية ومن ضمنها طائرات أف 35 التي باعتها واشنطن للإمارات لإقناعها بالامتناع عن إنشاء قاعدة عسكرية صينية على أرض الإمارات؛ فهل وقف بناء قاعدة عسكرية صينية في الإمارات كان كافيا لمنع الصين من الحصول على تكنولوجيا أف 35؛ أو الحد من نفوذ بكين في المنطقة؟
فالنفوذ الصيني المتنامي في منطقة الخليج من الممكن أن يعيق الكثير من المشاريع والبرامج المشتركة مع دول الخليج المطبعة التي تملك الصين فيها أصولا وشراكات لا يمكن تتبعها بدقة؛ كما أنه يمثل أحد أهم العوائق أمام تطوير العلاقة مع السعودية مستقبلا التي تطمح لجعل مشروع نيوم أكثر انسجاما مع مشروع الطريق والحزام الصيني؛
البحث عن معادلة تحقق التوازن للكيان الإسرائيلي في تعاملها مع الصين والولايات المتحدة دون الإضرار بمشروعها التطبيعي للاختراق والهيمنة على منطقة الخليج العربي أمر يزداد صعوبة وتعقيدا يوما بعد الآخر؛ فدول الخليج بحسب الباحثين الصهيونيين الاسرائيليين يوئيل جوزانسكي وجاليا لافي في تقريرهما المنشور على موقع مركز الأمن القومي للدراسات (INSS) تحت عنوان (العلاقات بين الصين ودول الخليج الفرص والمخاطر)؛ كشف عن تطلع دول الخليج إلى الصين باعتبارها الشريك التجاري الأول في قطاع النفط والغاز فضلا عن تتطلعها للشراكة مع بكين في مشاريع للبنية التحتية ومشاريع طموحة لم يذكرها الباحثان من ضمنها البرامج النووية التي تتعاون الصين والسعودية على تطويرها شمال المملكة.
فالنفوذ الصيني المتنامي في منطقة الخليج من الممكن أن يعيق الكثير من المشاريع والبرامج المشتركة مع دول الخليج المطبعة التي تملك الصين فيها أصولا وشراكات لا يمكن تتبعها بدقة؛ كما أنه يمثل أحد أهم العوائق أمام تطوير العلاقة مع السعودية مستقبلا التي تطمح لجعل مشروع نيوم أكثر انسجاما مع مشروع الطريق والحزام الصيني؛ فإما أن يضحي الكيان بشراكته مع الدول المطبعة أو أن يتمكن من صياغة معادلة تحوله إلى شرطي أمريكي على الحلفاء العرب وهو الدور الجديد الحاذق الذي يطمح قادة الكيان بلعبه في حال فشلت معادلة التوازن الهش بين الصين وأمريكا.
ختاما .. الكيان الإسرائيلي أمام خيارات صعبة للتعامل مع بكين ومنطقة الخليج العربي؛ فالخارجية الأمريكية وجهت عبر سفارتها في فلسطين المحتلة للخارجية الإسرائيلية طلبا للتصويت بالإدانة في مجلس حقوق الإنسان؛ وعادت وكررته أمام وفد الكيان الإسرائيلي في جنيف؛ فالكيان لم يعد صاحب الخيار في رسم العلاقة مع الصين؛ وهو مطالب أكثر من أي وقت مضى بأن يراعي المصالح الأمريكية؛ حقائق لم تغب عن لقاء رئيس هيئة الأركان في جيش الكيان الإسرائيلي مع وزير الدفاع الأمريكي أوستن ورئيس هيئة الأركان مولن إلى جانب مستشار الأمن القومي جاك سوليفان قبل أيام قليلة في واشنطن؛ فإيران ليست المعضلة الوحيدة لأمريكا في المنطقة بل الصين التي تهدد بابتلاع المنطقة ومن ضمنها الكيان الإسرائيلي المتحاذق ذاته.
hazem ayyad
@hma36
المخاطر الوجودية على إسرائيل بعد معركة سيف القدس
شروط تركية لتحسين العلاقات مع إسرائيل